لقد قلت سابقا بأن النص الذي بين أيدينا من أعلام مالقة تعاقب على تأليفه رجلان اثنان هما القاضي بن عسكر وابن أخته أبو بكر بن خميس. وقد تلاشت بين عمل هذين الرجلين - حسب ما هو موجود بين أيدينا من نص أعلام مالقة - الفوارق والفواصل التي تعين هذا العمل أو ذاك. فالقارئ لتراجم أعلام مالقة الآن لا يعرف إن كانت الترجمة التي يقرأها، هي من صياغة ابن عسكر أو من حفيده ابن خميس.
إلا أن يقوم بفحص دقيق لمواد الترجمة عسى أن تفرز جانبا يترجح به انتساب هذه الصياغة إلى هذا أو ذاك، وإلا أن يستعين ببعض المصادر التي تنسب عمل الترجمة صراحة إلى أحدهما دون الآخر.
فهل كان وضع أعلام مالقة حين إنجازه على هذه الصفة التي انتهى بها إلينا اليوم، تختلط فيه أعمال مؤلفيه وتتداخل بين مواده التراجم التي أنجزا صياغتها.
وهل الذين اعتمدوا عليه ونقلوا منه من المؤرخين وكتاب التراجم قد وقع إليهم بهذه الصفة أيضا من الشيوع والاختلاط بين مواده وأعمال مؤلفيه.
لعل الحسم في هذا الأمر يقتضي وقفة متأنّية تستقصى فيها أصناف النقول والإحالات الواردة في مختلف المصادر التي اعتمدت أعمال ابني عسكر وخميس في أعلام مالقة.
فمن خلال هذه النقول نجد في كثير من الأحيان الإحالات المحددة التي تنصرف إما إلى ابن عسكر فتسميه وحده، وإما إلى ابن خميس فتسميه وحده أيضا.
وهو أمر يدل على أن حدود عمل الرجلين في صياغة تراجم أعلام مالقة كان معروفا ومميزا عند المشتغلين بالتراجم وأصحاب التواريخ الذين نقلوا من أعلام مالقة.
فقد نقل من هذا الكتاب أو أحال عليه كل من ابن عبد الملك المراكشي في الذيل والتكملة، وابن الزبير العاصمي في صلة الصلة، وابن الخطيب السلماني في الإحاطة، وأبي الحسن النباهي في المرتبة العليا.
والملاحظ أن نقول هؤلاء جميعا تجري وفق وتيرتين اثنتين: