للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأصبحت فيهم قصيرا (١) كمن … يقيس الردينيّ بالمردن

فعذرا لمظهر سوقه … يروم معارضة الصّيدني

وكتب معها بعد الصدور، وبعد: فإنّه لمّا دعا لهذه الإجابة أكرم داع، وجب الفعل بالاتّباع لا بالابتداع. فكم آلى (٢) (عليّ) أن أبرز في منصّة العجز سعالتي، وأطرّز من العذر ما أحتمل به على علالتي. فلعلّ هذا المكلّف قصد أن يجمع إلى الخزّ المشوب، أو أظنّه طلب أن ينظم إلى الدّرّ المخشوب (٣). فلو لم يأخذ القوس إلاّ الباري، ولا دخل الحلبة إلاّ السّابق المباري، لما علم الأرفع من الأنزل، والرّامح من الأعزل، ولرميت أدواء الجهل بالتّعطيل، وعريت أفعل عن صفة التّفضيل. لكن اقتضت الحكمة أن يباين النّدّ ندّه، ويلاين الشّيء ضدّه، حتّى يعرف العذب بالأجاج، ويشرف الدّرّ بمقايسة الزّجاج. ولمّا علمت أنّي إذا امتثلت، ونثرت كنانتي ونثلت، فإنّما أكون من بيّن سبق الجواد بعيره /، وزيّن بهدره بلاغة غيره، فأجبت، بعد أن تستّرت من الحياء واحتجبت، فكتبت والقلم عاثر، والعجز لما أروم نظمه من الكلام ناثر. وبعد أن وقفت على هذا الاستدعاء الذي طلعت من المطالع العراقية شمسه، وحسر اليوم بهذه البلاد الغربية عليه أمسه، وكسا هذا الأفق من حال التّشريف والتّنويه، ما لم يكن يحتسبه ولا ينويه، وتأهّل لأن يحمل من أهله العلم حيث قطبه الذي عليه مداره، ويروي عنه بالمكان (الذي) (٤) هو محلّه وداره. فيا عجبا للبحار كيف استمدّت أوشالها، واستعدّت لطلب المكاتبة. وقد كان يجب أن تقصد ويمشى لها. فيا لها نفحات مسكية، ولمحات نيّرة ذكية، أوجبت للإجابة حقّا، وصيّرت كلّ سامع مسترقّا ومستحقّا … وهي طويلة.

وكتب معزيا: مثل سيدي أجزل الله أجره، وأطلع في ليل مصابه فجره، في


(١) في الأصل أ: قصورا.
(٢) ما بين القوسين زيادة ليستقيم بها السياق.
(٣) في الأصل أ: المخشلب.
(٤) إضافة يقتضيها السياق.

<<  <   >  >>