حدائق بيض بالأزاهر وسطها … جداول كالأسطار وسط المهارق
كأنّ على تلك الأباطح جرّدت … صوارم لمّا خيف من كلّ طارق
صفت وصفا فيها الحصا فكأنّها ال … مجرّة حفّت بالنّجوم الشّوارق
وقد أودع الأرواح عند هبوبها … عليها يدي داود، ربّ الخلائق
يصوغ دروعا فوقها كلّما جرت … فيا لك من حسن للحظك رائق
وغنّت بها الأطيار وهي تجيبها … فيا عجبا من حسن أخرس ناطق
أقمنا عليها بعض يوم كأنّه … لمبصره في العمر لمعة بارق
مع ابناء صدق طاهرين كأنّهم … نجوم سماء أشرقت بالمشارق
حسان الذي يبدو فويق جيوبهم … أعفّة ما قد ضمّ تحت المناطق /
أقرّ بنو الدّنيا جميعا بأنّهم … شياه وكلّ النّاس مثل البيادق
يديرون في وصف العلوم كئوسهم … وليس سوى الآداب خمرا لذائق
رأت أنسنا شمس النّهار فلم تزل … تسارع نحو الغرب سير السّوابق
وغارت بنا فاصفرّ للنّاس وجهها … كما اصفرّ من خوف النّوى وجه عاشق
عجبت لها قد أبصرتنا ولم تقف … وقد وقفت قدما لقتل العمالق
فهلاّ أقامت كي يدوم وصالنا … ولو قدر ما ترتدّ مقلة وامق
فتبّا لدهر لا يدوم نعيمه … لقد قطعت للأمن منه علائقي
تطول على الحرّ اللّبيب صروفه … كليل سليم أو عذاب منافق
وتقصر ساعات الوصال إذا أتت … كخلّب برق أو كغفلة سارق
فيا لزمان بالورى متقلّب … خلائقه للخلق شرّ الخلائق
كأنّ بني الدّنيا لوقع صروفها … عصافير ترمى عن قسيّ البنادق
فما منهم من يستطيع تحصّنا … لإصماء سهم للمنيّة راشق
سواء عزيز القوم مثل ذليلهم … لديه، ومن في السّفح أو في الشّواهق
فما عمرت عمرو بن هند جنوده … ولا أنعم النّعمان قصر الشّقائق
كأنّ جميعا إذ سقاه حمامه … بكأس حقاق خرّ من رأس حالق
أطعت الهوى حتى خدعت ومن يطع … هوى النّفس يخدعه كخدع المآذق
فيا نفس كفّي قد بلغت بي المدى … أمالك بعد الشّيب توبة صادق
ويا ربّ عفوا إنّني منك واثق … فمنّ على عبد بجودك واثق