للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: وكان يحبّ الجلّة والأدباء، ويصطفي العلية والصلحاء، فلا يعني إلا بابتناء مجد، ولا يرتاح إلاّ لاقتناء حمد. ما أوقد قطّ بالحضيض ناره، ولا غلق في وجه القاصدين (١) داره. / بل كان على من قصد المنن الغرّ، والأيادي التي ينقشع بها عنهم الضّرّ، وينتعش بها العبد القنّ والحرّ. فإليه كان الأجلة يزورون، وبجانبه الأمنع الأحمى يمنعون ويحتمون. ومدحه بمالقة جلّة من الشعراء لإحسانه إليهم، وإظهاره أثر العناية عليهم. وللفقيه أبي الحسن بن هارون يمدحه (٢): [طويل]

أشاقك بالبين الخيال المودّع … فدمعك فيّاض وقلبك يضرع

وهاجك مغنى أخلقت ربعه الصّبا … فربع الصّبا من حسنه يتقطّع

وعهدي به والدّهر يسمح بالرّضى … وطير التّصابي في مراعيه وقّع

وسرب الظّباء العفر غازلها الهوى … وما صدّها عنّا حجاب وبرقع

يمتن ويحيين الرّضى، فزماننا … وإن جلّ ما يأتين يأس ومطمع

وفيهنّ حوراء اللّواحظ طفلة … صيود، لألباب المحبّين تصرع

وقائلة كم ذا التّمادي لدى الصّبا … فقلت: فؤادي بالصّبابة مولع

بليت بربّات الحجال وقلّما … دعون امرأ إلاّ يخبّ ويسرع

حداني الهوى للبيض والدّعج والدّمى … وإن كان لي نحو المكارم منزع

وما العزّ إلاّ في نفوس أبيّة … وإن كان أحيانا علاها يضيّع

وإن غيّر البدر المنير كسوفه … فإنّ سناه بعد ذلك يرجع

ومنها في المدح:

لقد كان هذا الدّهر أعمى أصمّ من … قديم فأضحى من يدين ويسمع

وعاد مضيئا بابن حسّون إذ رأى … له غرّة زهراء بالنّور تسطع

بدا فرأيت الشّمس عالية السّنا … كما غيّبت شهب الدّجى حين تطلع

جميل المحيّا، رائع متوقّد … ذكاء ونبلا، كامل الرّأي أروع

له عزّة الأملاك مع لين جانب … وشدّة بأس فهو يردي وينفع


(١) في الأصل أ: المقصدين.
(٢) في مختارات من الشعر ٢٤٤ الأبيات التسعة الأولى.

<<  <   >  >>