قال أبو عمرو: وسألت ابن كسرى عن قوله «فكان هو الثاني لمنفلق البحر»، فقال: الموضع الذي انفلق فيه البحر لموسى بن عمران ﵇، لم تطلع عليه الشمس أكثر من تلك الساعة. وهذا الموضع لم يظهر فيه ذلك الفتى أكثر من الساعة، وكأنه الشمس في حسنه. قال أبو عمرو: ومررنا في هذه السفرة مع أبي الحسين المذكور، ومعنا صاحبنا أبو شهاب المشعلاني، فأخذ في يده نوارا كان معنا، وقال: ليقل كلّ واحد منكم فيه / فقال / ١٩٣ / أبو شهاب:
لنورك يا خابور بوركت منّة … على الصّحب لا تفنى على قدم الدّهر
فقال أبو الحسين شاكر:
ظفرت بلثم من بنان معذّبي … فجئت (١) ذكيّ النّشر منتخب العطر
قال أبو عمرو: فقلت أنا:
سرت لك من أنفاسه طيب نكهة … فجرّر بها أذيال فخر على الزّهر
ونقلت من خط خالي ﵀ عليه، قال: أنشدني الأستاذ أبو بكر بن دحمان لخاله الوزير أبي الحسين شاكر، يعني المتقدم الذكر، فقال: [طويل]
أبت همّتي تعلو معالي آمالي … فيسلو هواها القلب حالا على حال
إذا قلت هذا صاحب قد رضيته … بدا منه بغض في صفات وأفعال
فأبت لحال أكّد النّفي نعتها … وفي آل عبّاس عطفت على الحال
ففيهم فتى أروى أوامي بعد ما … عمدت زمانا أمتري وضح الآل
لقد آن أن يبكي على الحقّ أهله … وأن تمترى أخلاق حزن وأوجال
وأنشدني خالي رحمة الله عليه، قال أنشدني الأستاذ أبو بكر بن دحمان ليوسف بن حمدان اليهودي لعنه الله، وذكر أنه كتب بها إلى خاله أبي الحسين شاكر بن الفخار: [بسيط]
أبا الحسين أتاكم يشتكي ظمأ … ضيف عليل غدت في الرّاح راحته
فابعث إليه بها صهباء ناريّة … تلتفّ منها بنور الشّمس راحته
فقال أبو الحسين أبياتا أوّلها:
(١) في الأصل أ: فحيث / ولا معنى لها هنا.