ومن حسن الحظ أن يفيدنا الشمس السخاوي بذلك، وهو الذي اطلع على نسخة من تاريخ مالقة لابن خميس، فينقل لنا في كتابه الإعلان بالتوبيخ أيضا نصا طويلا من المقدمة التي صدّر بها أبو بكر بن خميس كتاب أعلام مالقة، هذا نصه:
«… وقال أبو بكر محمد بن محمد بن علي بن خميس في مقدمة تاريخ مالقة: إن أحسن ما يجب أن يعتني به، ويلم بجانبه، بعد الكتاب والسنة معرفة الأخبار، وتقييد المناقب والآثار. ففيها تذكرة بتقلب الدهر بأبنائه، وأعلام ما طرأ في سالف الأزمان من عجائبه وأنبائه، وتنبيه على أهل العلم الذين يجب أن تتبع آثارهم وتدون مناقبهم وأخبارهم، ليكونوا كأنهم ماثلون بين عينيك مع الرجال، ومتصرفون ومخاطبون لك في كل حال، ومعروفون بما هم به متصفون. فيتلو سورهم من لم يعاين صورهم، ويشاهد محاسنهم، من لم يعطه السن أن يعاينهم، فيعرف بذلك مراتبهم، ومناصبهم، ويعلم المتصرف منهم في المنقول والمفهوم، والمتميز في المحسوس والمرسوم، ويتحقق منهم من كسته الآداب حليها، وأرضعته الرياسة ثدييها، فيجد في الطلب ليلحق بهم ويتمسك بسببهم»(١).
٦ - وأخيرا فإن ما بين أيدينا اليوم من أعمال أعلام مالقة لا يضم إلا أبعاضا من عمل ابن عسكر وابن خميس، وقد تجمعت فيه - وفي نسق واحد - التراجم التي صاغها كل من الرجلين، فلا حدود فاصلة بين عمليهما، ولا تصميم تتميز به تراجم الأصل من الذيل.
وإذا كان بعض هذه التراجم بحاجة إلى دراسة داخلية لموادها كي يتكشف فيها ما يترجّح به انتماؤها إلى الأصل في عمل ابن عسكر، أو إلى الذيل في عمل ابن خميس، فإن الكثير من بقية تراجم الكتاب لا تستجيب لذلك، لخلوها من كل ما من شأنه أن يثير الشك أو الترجيح، ليبقى انتسابها إلى الأصل أو الذيل عائما شائعا، ما لم يتم في بعض الأحيان الاستعانة بالمصادر الأخرى والإحالات الخارجية.
وقد نتساءل في ختام هذا التقديم عن أي صورة من صور التأليف التي انتهى بها إلينا هذا القسم من كتاب أعلام مالقة.
أهي الصورة التي اكتمل بها عمل كتاب أعلام مالقة في الصياغة النهائية عند ابن خميس، مع اعتبار أنه قد ضمن هذه الصياغة عمل خاله ابن عسكر. ثم سمّاه