للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

واعلم بأنّي للعوارف شاكر … كالهيم تشكر عارفات الأمنح

أشفقت من عضّ الحديد، وروعه … في الصّدر لم يذهب ولم يتزحزح

ومن ذلك قوله: [بسيط]

ويحسبون بأنّ الدّهر غيّركم … والظّن أكذب. أين الفضل والكرم

يا حافظ العهد، إن خان الرّجال به … ألم تكن بيننا فيما مضى ذمم

وإن توقّف عطف أو جفا كرم … فالطّرف يكبو، وينبو الصّارم الخذم

أبا عليّ، وخير القول أصدقه … دع ما تجيء به الظّنّات والتّهم

تسيء بي الظن والرحمن يشهد لي … أني بحبلك بعد الله أعتصم /

من غيّر الودّ ما بيني وبينكم … تغيّرت عنده الأرزاق والنّعم

فلا تطاوع أناسا في صدورهم … مع الحسادة نار الحقد تضطرم

من أجل نكسي يرى أنّ الصّلاح به … أن يظهر الشّرّ مثل الموج يلتطم

فاخفض جناحا وخذ بالعفو ما ظلموا … لا زلت تعفو، ومن عاداك تنتقم

إذا أصابت من الأيّام حادثة … فأنت نور لديه تنجلي الظّلم

وإن غدوت خفيف الجسم ضامره … فالذّابلات إليها تجنح البهم

الخيل تسبق إن كانت مضمّرة … والسّهم ينحت والصّمصام والقلم

فلا تمكّن سفيها من إرادته … فيصبح الرّأس تعلو فوقه القدم

شاور أخاك ودع بعض الورى همجا … أمّا الذّئاب فما ترعى بها الغنم

واشدد يديك بمن صحّت مودّته … فليس يدبغ جلد مسّه حلم

وقد دعوت إلى إصلاح فاسده … وما بأذنك عن أمثالها صمم

وسقت بيتا جرى في دهرنا مثلا … والشّعر فيه ترى الأمثال والحكم

«يا أعدل النّاس إلاّ في معاملتي … فيك الخصام، وأنت الخصم والحكم» (١)

قال أبو العباس أصبغ : هذه القصيدة كانت سبب عفوهم عنه، والله يغفر للجميع.


(١) البيت المضمن للمتنبي. وهو في ديوانه ٨٣/ ٤.

<<  <   >  >>