للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكتب معزيا: أطال الله بقاء السيد المفدى والكريم الأعز الأهدى، وجلاله مأثور، وأجره موفور ومذخور. تأبى الأيام أدام الله عزتك إلا أن تفجع بساداتها، وتجري من اخترامهم على عاداتها (١). فالحازم من استسر الحوادث قبل أن تحل، وهانت عليه من حيث شملت الكل. وإن مصابك بفلان وإن كان أجل رزء دهمك وأولاه بأن يتقسمك، فمن حقك أن تلهى عن مصابك بالصبر الجميل عن أوصابك.

فقد علمت أن الحزن ما نفع ولا أجدى، ولا استرد في الدهر سؤددا فقد ولا مجدا.

فإن كان شأن هذا الحادث شمولا، وكل على تلك الأعواد محمولا، فما لنا لا نبكي أنفسنا وهي أحب، أو نرجع فيمن فقدنا إلى ما أراده الرب. فإنا لله وإنا إليه راجعون عليها مصيبة قدحت ورزية فدحت. وقد يعلم الله أني ساهمتك مساهمة فؤادك، وأخذت من رزئك (٢) ما أخذت من ودادك. وإني لأتذمّم من دهر يعوق، ولا تقضى معه الحقوق، فكان من واجب مرزيتك، أن أعمل قدمي إلى تعزيتك. لكن الذنب للأيام لا لي، وحسبك اليوم ما لك قبلي.

وكتب في حق المعروف بالزريزير، وكان رجلا حسن الإنشاد يرد على النبهاء فيخفّ عليهم. ولكتاب العصر فيه كتب مشهورة. منها ما كتب به أبو عبد الله المذكور وهو (٣):

يسقط الطير حيث ينتثر الح … ـب وتغشى منازل الكرماء

لما كنت أعزك الله روضة في الأدب طيبة الماء والعشب، وغدوت دوحة في المجد، مورقة بالتهمم مثمرة بالجد. أو شكت طيور الثناء (أن تنشر) (٤) عليك قلاعا (٥)، وحامت عصافير الرجاء عليك عطاشا وجياعا، فوجدت بثراك الحب النثير، والماء العذب النمير، فشربت والتقطت وانتفضت وترنّمت. ولم ترع بصرصرة الصّقور حين غدت في الماء النمير. فهي مائلة على طيّ الأجنحة، مثنية عليك بالألسنة المفصحة. قد جعلت أرائكها قصب الأراك، وبسطت درانيكها فلم تقتنص بأيدي الفخوخ والأشراك، تتغنى من الطّرب، وتتناشد بمخضرّة القصب:


(١) في الأصل أ: عادتها.
(٢) في الأصل أ: مما أخذت.
(٣) كتب البيت مختلطا بالنثر دون تمييز / راجع عن الزرزوريات: الذخيرة ٣٤٧/ ٣، ٧٥٨/ ٤.
(٤) ما بين القوسين ساقط في الأصل.
(٥) في الأصل أ: قلوعا.

<<  <   >  >>