للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيل: لا يشرع الغسل؛ إذ لم يقم عليه دليلٌ.

والأحاديث في ذلك لم يصحَّ منها شيءٌ، كما قال الإمام أحمد وعلي بن المديني (١)، ورجَّح شيخنا ابن باز صحة حديث عائشة كما سيأتي، وعلى هذا فالرَّاجح هو: القول بالاستحباب لمجموع الأحاديث والآثار. ومن ذلك ما رواه البيهقيُّ عن ابن عمر أنَّه قال: «كنَّا نغسِّل الميِّت فمنَّا من يغتسل ومنَّا من لا يغتسل» (٢).

وممَّا يدلُّ على عدم وجوب الغسل ولا الوضوء حديث ابن عبَّاسٍ ؛ أنَّ النَّبيَّ قال: «لَيْسَ عَلَيْكُمْ فِي غَسْلِ مَيِّتِكُمْ غُسْلٌ؛ إنَّهُ مُسْلِمٌ مُؤْمِنٌ طَاهِرٌ، فَحَسْبُكُمْ أَنْ تَغْسِلُوا أَيْدِيَكُمْ» (٣).

٢ - أمر من حمل الميِّت بالوضوء.

ولم يحفظ القول به عن أحدٍ من العلماء إلَّا ابن حزمٍ بناءً على تصحيحه لحديث الباب (٤)، ولكنَّ الحديث ضعيفٌ، ولم يرد له في هذا الحكم ما يعضده، ولا تظهر له مناسبةٌ شرعيَّةٌ.

وفي وجوب الوضوء على كلِّ من حمل الميِّت حرجٌ ظاهرٌ، وإذا كان من غسَّل الميِّت لا يجب عليه الوضوء فمن باب أولى ألَّا يجب على من حمله، بل نقول: لا يستحبُّ الوضوء من حمل الميِّت؛ لعدم الدَّليل النَّاهض على ذلك، والعبادات توقيفيَّةٌ، والحديث لا يصلح حجَّةً على ذلك، والله أعلم.


(١) «التلخيص الحبير» (١/ ١٣٦).
(٢) رواه البيهقي في «الكبرى» (١٤٦٦)، والدارقطني (١٨٢٠). وصحح إسناده ابن حجر. ينظر: «التلخيص الحبير» (٢/ ٢٣٩).
(٣) رواه البيهقي في «الكبرى» (١٤٦١)، والدارقطني (١٨٣٩)، وصححه الحاكم (١٤٢٧)، وقال المصنف: «إسناده حسن». «التلخيص الحبير» (١/ ٢٣٩).
(٤) ينظر: «المحلى» (٢/ ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>