للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والقول بالتَّحريم مطلقًا هو موجب الحديث، وفعل الصَّحابة لا يصلح للتَّخصيص؛ إذ قد يكون عن اجتهادٍ أو لم يعلموا بدليل التَّحريم.

وذهب ابن المنذر وداود وابن حزمٍ إلى جواز لبث الحائض والجنب في المسجد ولو لم يتوضَّأ الجنب؛ لأنَّ حديث الباب لم يصحَّ عندهم، وحملوا قوله تعالى: ﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ﴾ [النساء: ٤٣] على الصَّلاة نفسها، وقوله: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ﴾ على المسافر، وأيَّدوا قولهم ذلك بحديث عائشة في المرأة السَّوداء الَّتي كان لها خباءٌ في المسجد (١).

ويمكن الجواب عنه بأنَّه لا يلزم من ذلك إقامتها في المسجد وهي حائضٌ؛ لأنَّنا لا نعلم كم مكثت في المسجد، ويحتمل أن تكون امرأةً كبيرةً آيسةً، هذا وهي قضيَّة عينٍ لا عموم لها، قاله ابن رجبٍ (٢).

* * * * *

(١٣٥) وعنها قَالَتْ: «كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللهِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، تَخْتَلِفُ أَيْدِينَا فِيهِ مِنَ الْجَنَابَةِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(١٣٦) وَزَادَ ابْنُ حِبَّانَ: «وَتَلْتَقِي أَيْدِينَا» (٣).

* * *

وفي الحديث فوائد؛ منها:

١ - التَّصريح بما يستحيا من ذكره لبيان أحكام الشَّرع.

٢ - جواز اغتسال الرَّجل وامرأته من إناءٍ واحدٍ في مكانٍ واحدٍ ووقتٍ واحدٍ، ومعنى «تختلف أيدينا فيه» أنَّ كلًّا منهما تخلف يده يد الآخر، وقد تلتقيان كما في رواية ابن حبَّان.


(١) رواه البخاري (٤٢٨).
(٢) ينظر: «فتح الباري» لابن رجب (٣/ ٢٥٤).
(٣) البخاري (٢٦٩) ولم يذكر (من الجنابة)، ومسلم (٣٢١)، وابن حبان (١١١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>