للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأمَّا القنوت في النَّوازل فلا خلاف فيه بين العلماء، وقد جاءت فيه أحاديث صحيحةٌ، في «الصَّحيحين» وغيرهما، ومنها حديث أنسٍ ، وهو أوَّل هذه الأحاديث «أنَّ رسول الله قنت شهرًا، بعد الرُّكوع، يدعو على أحياءٍ من أحياء العرب، ثمَّ تركه»، وحديث أنسٍ أيضًا عند ابن خزيمة: «أنَّ النَّبيَّ كان لا يقنت إلَّا إذا دعا لقومٍ، أو دعا على قومٍ».

وأمَّا القنوت في الفجر دائمًا فذهب إليه الشَّافعيُّ مستدلًّا بما عند أحمد والدَّارقطنيِّ عن أنسٍ ، عن النَّبيِّ «فأمَّا في الصُّبح فلم يزل يقنت حتَّى فارق الدُّنيا»، وذهب الجمهور إلى عدم مشروعيَّته، وضعَّفوا رواية أحمد، وتأوَّلوا القنوت في رواية أحمد بطول القيام، واستدلُّوا بأنَّ الَّذين نقلوا صفة صلاة النَّبيِّ لم يذكروا أنَّه كان يدعو في صلاة الفجر بعد الرُّكوع إلَّا قنوت النَّوازل؛ وبقول طارقٍ الأشجعيِّ لمَّا سأله ابنه سعدٌ: «هل كان النَّبيُّ وأبو بكرٍ وعمر وعثمان وعليٌّ يقنتون في الفجر؟ قال: أي بنيَّ محدثٌ».

و قول الجمهور هو الصّواب، فليس من سنن صلاة الفجر الدُّعاء بعد الرُّكوع، ومن الممتنع أن يكون ذلك من هدي النَّبيِّ ولا ينقله أحدٌ، ولا ينقلون شيئًا ممَّا كان يدعو به، لكن من يرى القنوت في الفجر يجوز أن يصلِّي خلفه من لا يرى القنوت، كما هو الشَّأن في المختلف فيه من واجبات الصَّلاة وشروطها. والظَّاهر: أنَّه لا يتابعه في القنوت بل يشتغل بالذِّكر المشروع في هذا الموضع.

وأمَّا القنوت في الوتر فاستدلَّ له بحديث الحسن قال: «علّمني رسول الله كلماتٍ أقولهنَّ في قنوت الوتر: «اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ … »».

وقد اختلف العلماء في قنوت الوتر على مذاهب:

<<  <  ج: ص:  >  >>