للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فتبيَّن أنَّ مسلك أهل القول الأوَّل هو الجمع بين الحديثين، ومسلك أهل القول الثَّاني هو التَّرجيح لحديث أبي هريرة على حديث وائلٍ ، بل ضعَّفوه وزعم بعضهم أنَّه باطلٌ.

والصَّواب: أنَّ حديث وائلٍ له شاهدٌ من حديث أنسٍ عند الحاكم (١) وغيره (٢)، فيقوى بذلك، ويؤيِّده ما جاء عن عددٍ من الصَّحابة أنَّهم كانوا يقدِّمون الرُّكبتين قبل اليدين (٣)، وإلى هذا ذهب كثيرٌ من أئمَّة الحديث كأحمد وإسحاق رحمهما الله.

وذهب بعض أهل العلم إلى التَّخيير؛ لتكافؤ الأدلَّة.

وعلى كلٍّ فالأمر واسعٌ، ومثل هذه المسألة لا ينبغي التَّشدُّد فيها، ولا ريب أنَّ تقديم الرُّكبتين قبل اليدين في السُّجود هو المناسب؛ لأنَّ به ترتيب أعضاء السُّجود، فيضع المصلِّي ركبتيه فيديه فجبهته، وعند النُّهوض بالعكس، والله أعلم.

وفي حديث أبي هريرة فوائد، منها:

١ - النَّهي -عند السُّجود من قيامٍ- عن بروكٍ كبروك البعير، قيل: معناه تقديم اليدين، وقيل: معناه تقديم الرُّكبتين، فعلى الأوَّل يوافق آخر الحديث أوَّله، وتكون الجملة الثَّانية مؤكِّدةً ومفسِّرةً للجملة الأولى، وعلى المعنى الثَّاني يكون آخر الحديث مخالفًا لأوَّله، ولهذا قال من قال: إنَّه انقلب على الرَّاوي، وإنَّ أصل الحديث: «وَلْيَضَعْ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ».


(١) المستدرك (٨٢٢) وقال الحاكم: «هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولا أعرف له علة ولم يخرجاه». اه.
(٢) البيهقي في السنن الكبرى (٢٤٦٤).
(٣) ينظر: صحيح ابن خزيمة (٦٢٨)، والسنن الكبرى للبيهقي (٢٤٦٤) ومعرفة السنن والآثار للبيهقي (٨٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>