للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

النَّبيِّ ؛ أنَّه لبس حُلَّةً حمراء (١). قال العلماء: إنَّها لم تكن خالصةً، وبهذا يندفع التَّعارض.

٣ - الإنكار على من فعل محرَّمًا، ولو كان جاهلاً؛ لقوله لعبد الله: «أُمُّكَ أَمَرَتْكَ بِهَذَا؟» ممَّا يشعر بأنَّ المعصفر من شأن النِّساء، وفي الحديث؛ قال عبد الله : «أغسلهما» قال: «بَلْ أَحْرِقْهُمَا» (٢)، وفي هذا جواز التَّغليظ في الإنكار وجواز العقوبة بالمال.

ولكن جاء عند أحمد وأبي داود عن عبد الله بن عمرٍو قال: فنظر إليَّ رسول الله فإذا عليَّ ريطةٌ مضرَّجةٌ بعصفرٍ، فقال: «مَا هَذِهِ؟» فعرفت أنَّ رسول الله قد كرهها، فأتيت أهلي وهم يسجرون تنُّورهم، فلففتها ثمَّ ألقيتها فيه، ثمَّ أتيت رسول الله ، فقال: «مَا فَعَلَتِ الرَّيْطَةُ؟» قلت: قد عرفت ما كرهت منها؛ فأتيت أهلي وهم يسجرون تنُّورهم فألقيتها فيه، فقال النَّبيُّ : «فَهَلَّا كَسَوْتَهَا بَعْضَ أَهْلِكَ!» (٣)، فقوله : «فَهَلَّا كَسَوْتَهَا بَعْضَ أَهْلِكَ!» يشكل مع قوله عند مسلمٍ: «بَلْ أَحْرِقْهُمَا».

فجمع بعضهم بين حديث الرَّيطة وحديث الثَّوبين بأنَّهما قصَّتان، وفيه بعدٌ؛ إذ لا يظنُّ بعبد الله بن عمرٍو أن يعود إلى ما نهاه الرَّسول عنه.

وأحسن من هذا الجمع أن يقال: إنَّ قوله : «بَلْ أَحْرِقْهُمَا» ليس على الحقيقة بل على التَّغليظ، كيف وعبد الله كان جاهلاً بالحكم! ولكنَّه حمل كلام النَّبيِّ على ظاهره فأحرق الرَّيطة، فلذلك قال له النَّبيُّ : «فَهَلَّا كَسَوْتَهَا بَعْضَ أَهْلِكَ!».

* * * * *


(١) البخاريُّ (٣٦٩)، ومسلمُ (٥٠٣).
(٢) هذه الرواية تمام الحديث السابق.
(٣) رواه أحمد (٦٨٥٢)، وأبو داود (٤٠٦٦)، وابن ماجه (٣٦٠٣). وحسَّنه الألبانيُّ. ينظر: «سنن أبي داود» بأحكام الألبانيِّ (٤٠٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>