للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٩٠١) وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ عَنِ الْمُحَاقَلَةِ، وَالْمُخَاضَرَةِ، وَالْمُلَامَسَةِ، وَالْمُنَابَذَةِ، وَالْمُزَابَنَةِ». رَوَاهُ البُخَارِيُّ (١).

* * *

اشتمل هذان الحديثان على جملة من العقود والبيوع المحرمة.

وفيهما فوائد، منها:

١ - تحريم المحاقلة، وهي بيع الزرع بحبٍّ من جنسه؛ من بُرٍّ أو من شعير أو نحوهما، للجهل بالتساوي، وهي من جنس المزابنة، لكن المحاقلة في الزرع، والمزابنة في الثمر.

٢ - تحريم المزابنة، وهي بيع الثمر على رؤوس النخل بخرصه بتمر كيلا، وخُص منها العرايا، فيما دون خمسة أوسق، كما سيأتي.

٣ - تحريم المخابرة، وهي نوع من المزارعة، وهي أن يكون لصاحب الأرض ما ينبت في ناحية، وللمُزارع ما ينبت في الناحية الأخرى، فربما سلم هذا، وهلك الآخر، فيحصل الغبن، كما جاء في حديث رافع بن خديج : «كَانَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ يُؤَاجِرُونَ بِمَا عَلَى الْمَاذِيَانَاتِ وَأَقْبَالِ الْجَدَاوِلِ فَيَسْلَمُ هَذَا وَيَهْلِكُ هَذَا، أَوْ يَهْلِكَ هَذَا وَيَسْلَمَ هَذَا، وَلَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ كِرَاءٌ إِلَّا هَذَا فَلِذَلِكَ زَجَرَ عَنْهُ، فَأَمَّا شَيْءٌ مَعْلُومٌ مَضْمُونٌ فَلَا بَأْسَ» (٢). وكما تحرم هذه المزارعة تحرم المساقاة على الشجر، على هذا الوجه. وفي معنى المخابرة كلُّ مزارعة تتضمن الغرر، كالمزارعة بجزء معلوم مما يخرج من الأرض غير مشاع، والمزارعة والمساقاة الجائزتان إجارة الأرض أو الشجر بجزء معلوم مشاع من غلة الأرض أو الشجر، كالربع والثلث، كما يدل لذلك معاملة النبي ليهود خيبر بنصف ما يخرج منها من ثمر أو زرع، وعلى ذلك جرى عمل الصحابة، .


(١) البخاري (٢٢٠٧).
(٢) مسلم (١٥٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>