للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(١٠٧٨) وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «لَيْسَ لِلْقَاتِلِ مِنَ الْمِيرَاثِ شَيْءٌ». رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَقَوَّاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَأَعَلَّهُ النَّسَائِيُّ، وَالصَّوَابُ: وَقْفُهُ عَلَى عُمَرَ (١).

* * *

هذا الحديث هو دليل حرمان القاتل من الميراث، والقتل أنواع: قتل عمد، وشبه عمد، أو خطأ، والعمد قد يكون بحق؛ كالقتل قصاصًا أو حدًّا وغير ذلك، وللعلماء في هذا المقام ثلاثة مذاهب:

أحدها: العمل بظاهر الحديث في عمومه وإطلاقه، فمنع القاتل من الميراث، سواء أكان عمدًا أم غير عمد، بحق أو بغير حق، وهذا مذهب الشافعية.

الثاني: أن القتل الذي يمنع من الميراث ما أوجب قصاصًا أو دية أو كفارة، فيدخل في ذلك قتل الخطأ وشبه العمد والقتل عمدًا عدوانًا، وأما القتل بحق فلا يمنع من الميراث، كمن اقتص من ابن عمه، وهو وارثه، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد.

الثالث: أن القتل لا يمنع من الميراث إلا إذا كان عمدًا عدوانًا، ورجح ذلك ابن القيم في «إعلام الموقعين» (٢)، وهذا أقرب الأقوال، ولا ريب أن من قتل مورِّثه عمدًا عدوانًا أنه حقيق بحرمانه من ميراث مورِّثه، معاملة له بنقيض قصده، وعقوبة له على عدوانه. والغاية -والله أعلم - من هذا الحكم منع التذرع إلى الميراث بقتل المورِّث، لكن من العلماء من بالغ في ذلك، كما في القول الأول، ومنهم من توسط، كما في القول الثاني، ومنهم من قصر الحكم على الظالم المعتدي بالقتل.


(١) النسائي في «الكبرى» (٦٣٣٣)، والدارقطني (٤١٤٨)، وينظر: «التمهيد» لابن عبد البر (٢٣/ ٤٤٣).
(٢) «إعلام الموقعين» (٦/ ٤٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>