للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(١٢٥١) وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ؛ أن رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ فَقَالَ: إِنَّ امْرَأَتِي لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ. قَالَ: «غَرِّبْهَا». قَالَ: أَخَافُ أَنْ تَتْبَعَهَا نَفْسِي. قَالَ: «فَاسْتَمْتِعْ بِهَا». رواه أبُوْ دَاوُدَ والبَزَّارُ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ (١) ..

(١٢٥٢) وأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ من وجه آخر: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظٍ قَالَ: «طَلِّقْهَا». قَالَ: لَا أَصْبِرُ عَنْهَا. قَالَ: «فَأَمْسِكْهَا» (٢).

* * *

هذا الحديث تضمن حكم إمساك المرأة الضعيفة العفة، مثل التي تتهاون بالزنى الأصغر؛ كاللمس والنظر والكلام، بفعل منها، أو بفعل غيرها معها، ومن ذلك ما جاء في هذا الحديث، وهذا هو معنى قوله: «لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ»، وليس المراد أنها تفعل الفاحشة الكبرى؛ لأن النبي رخَّص بإمساكها، ولا يمكن أن يأذن الرسول بالإقامة مع امرأة تصر على فعل الفاحشة؛ لقوله تعالى: ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِين (٣)[النور: ٣]، ومن فهم من إذن الرسول للرجل بإمساكها أنه يلزم منه جواز إمساك الزانية فقد اضطر إلى تأويل اللمس بمعنى بعيد عن سياق الحديث، وهو أنها لا ترد يد ملتمس للصدقة، فيفضي ذلك إلى إفساد ماله، والصواب ما تقدم، وقوله للرجل: «غَرِّبْهَا» أي: أبعدها، يريد الطلاق، كما تدل عليه رواية النَّسَائِيِّ، ولهذا قال: «أَخَافُ أَنْ تَتْبَعَهَا نَفْسِي»، أي: تتعلق بها، فلا أسلو عنها، لذلك رخص له النبي بإمساكها تيسيرًا عليه، ودفعًا للحرج الذي خافه.


(١) أبو داود (٢٠٤٩). ولم نجده عند البزار.
(٢) النسائي في «الكبرى» (٥٣٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>