للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: فقد اختُلِف في كراهة المتعة كما حكيتم عن رجال من الصحابة، وعن حَيْوة بن شُريح قال: أخبرني أبو عيسى الخراساني، عن عبد الله بن القاسم، عن سعيد بن المسيب أن رجلًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، فشهد عنده أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١) في مرضه الذي قُبِض فيه ينهى عن العمرة قبل الحج (٢).

وعن قتادة عن أبي شيخ الهُنائي ــ ممن قرأ على أبي موسى الأشعري من أهل البصرة ــ أن معاوية بن أبي سفيان قال لأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: هل تعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كذا وكذا، وركوب جلود النمور؟ قالوا: [ق ٢١٦] نعم، قال: فتعلمون أنه نهى أن يقرن بين الحج والعمرة (٣)، فقالوا: أما هذا فلا، قال: أما إنها معها ولكن نسيتم. رواهما أبو داود (٤).


(١) «أتى ... - صلى الله عليه وسلم -» ساقطة من المطبوع.
(٢) رواه أبو داود (١٧٩٣). وإسناده ضعيف لجهالة أبي عيسى وعبد الله بن القاسم، ومتنه شاذّ منكر كما سينصّ عليه المؤلف. وانظر «حجة الوداع» لابن حزم (ص ٧٨٢ - ٧٨٤) و «السلسلة الضعيفة» للألباني (٤٧٢٣).
(٣) «والعمرة» ليست في ق.
(٤) حديث معاوية برقم (١٧٩٤) ورواته ثقات، إلا النهي عن الجمع بين الحج والعمرة شاذّ كما سينصّ عليه المؤلف. وأخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (٩٧٣٣) من رواية الحسن البصري عن معاوية ولفظه: «وسمعتُه يَنهى عن المتعة»، وفي إسناده ضعف. قال ابن القيم: «هذا أصح من حديث أبي شيخ، وإنما فيه النهي عن المتعة، وهي ــ والله أعلم ــ متعة النساء، فظنّ من ظنّ أنها متعة الحج ــ والقِران متعة ــ فرواه بالمعنى فأخطأ خطأ فاحشًا. وعلى كل حال فليس أبو شيخ ممن يعارَض به كبارُ الصحابة الذين رووا القرانَ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإخبارَه أن العمرة دخلت في الحج إلى يوم القيامة، وأجمعت الأمة عليه». انظر «تهذيب السنن» (٢/ ٥٤٤ - ٥٤٩ ط. دار المعرفة) و «البداية والنهاية» (٧/ ٤٨٨ - ٤٩١ ط. دار هجر).