فالأُصُولُ العِلميَّةُ هُوَ الاعتِقَادَاتُ، والعمَليَّةُ هُوَ العِبَادَاتُ المُكلَّف بِهَا، هَذَا هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيهِ النَّصُّ.
إذَنْ نَقُولُ: قَولُنا: هَلْ يَجُوزُ التَّقليدُ فِي أُصُولِ الدِّينِ وفُرُوعِهِ، أَوْ فِي فُرُوعِهِ فَقَطْ؟ أصْلُ التَّقسيمِ حَادِثٌ مُبتَدَعٌ، ولَوْ كَانَ عَلَيهِ أكْثَرُ العُلمَاءِ الْآنَ، وَهُوَ أيضا غَيرُ صَحِيح. وَجْهُ بُطَلانِهِ أنَّهُ جَعَل الصَّلاةَ والزَّكاةَ والصِّيامَ والحجَّ مِنْ فُرُوعِ الدِّينِ وهِيَ أصْلٌ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ أَرْكَانِ الإسلَامِ.
ثُمَّ نَقُولُ: التَّقلِيدُ فِيمَا تُسمِّيه أَصْلَ الدِّينِ وفُرُوعَه جائِز، قَال تعَالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إلا رِجَالًا نُوحِي إِلَيهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣]، والرِّسالةُ عَلَى تَقْسِيم هؤُلاءِ إِلَى أُصُول وفُرُوعٍ مِنَ الأُصُولِ، ومَعَ هَذَا يَقُولُ عزَّ وجَلَّ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إلا رِجَالًا نُوحِي إِلَيهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} اسْألُوا: هَلْ أَرْسَلْنا رِجَالًا، أَوْ أَرسَلْنا مَلَائِكَةً، {إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.
والقَاعِدَةُ: أن كُلَّ مَنْ عَجَزَ أَنْ يُدرِكَ الحقَّ بنَفسِهِ وَجَبَ علَيهِ التَّقلِيدُ، سَوَاءٌ فِي الأُمُورِ العِلميَّةِ أَو العمَليَّةِ، لَا فَرْقَ.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن هؤُلَاءِ القَوْمَ المُكذِّبينَ للرُّسلِ لَيسَ عنْدَهُم حُجَّة إلَّا مُجرَّد مَا كَانَ عَلَيهِ الآبَاءُ، وهَذَا لَيسَ بِحُجَّة، وعَلَى هَذَا فلَا يجوزُ الاحتِجَاجُ بعَمَلِ النَّاسِ، كَمَا يَفْعَلُهُ بعضُ القَومِ، فإِذَا نُهيتَ عَنْ شَيءٍ يَفعلُهُ كُلُّ النَّاسِ فهَذَا لَيسَ بِحُجَّةٍ، ولَا يُمكِنُ أَنْ تُقابِلَ اللهَ بهَذ الحُجَّةِ، كُلُّ النَّاسِ يَفْعَلُون هَذَا، فهَذَا لَا يُمكِنُ أَنْ يَنْفَعَكَ عنْدَ اللهِ، قُلْ: هَذَا دَلَّ الكِتَابُ أَو السُّنَّة عَلَى جَوازِهِ.
* * *
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute