للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الآية (٣٠)

قَال اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ} [الزخرف: ٣٠].

نَسْألُ اللهَ العَافيَةَ {وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ} وَيعْنُون بِهِ القُرآنَ؛ لأَنَّ القُرآنَ أبْينُ الكَلَام وأفصَحُ الكَلَامِ، وقَدْ قَال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ مِنَ البَيَانِ لَسِحْرًا" (١)؛ ولهَذَا كَانَتْ قُريش تَأتِي خُفيَةً فِي اللَّيلِ لتَستَمِعَ قِرَاءَةَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أخَذَ بألبَابِهَا وجَرَّها جرًّا عَنِيفًا إِلَى استِمَاعِهِ فقَالُوا: {هَذَا سِحْرٌ} سَحَرَنا محُمَّدٌ، محمَّدٌ ساحِرٌ، كَاهِنٌ، مَجنُونٌ {وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ}.

نَسأَلُ اللهَ العَافيَةَ! فأكَّدُوا أنَّهُم كَافِرُون بِهِ؛ لأَنَّه -عَلَى زَعمِهِمْ- سِحْرٌ، وإِذَا كَانَ القُرآنُ سِحْرًا فالَّذِي جَاءَ بِهِ يَكُونُ سَاحِرًا، ولهَذَا لقَّبُوا النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بألقَابِ السُّوءِ؛ حتَّى يَنْفِرَ النَّاسُ مِنْ دَعوَتِهِ، ولكِنْ -والحمْدُ لله- كُلَّما أَحْدَثُوا شَرًّا أَحْدَثَ اللهُ خَيرًا.

من فوائد الآية الكريمة:

الْفَائِدَةُ الأُولَى: شِدَّةُ عِنَادِ المُكذِّبينَ للرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم -؛ حيثُ زَعَمُوا أن مَا جَاءَ بِهِ سِحْرٌ مَعَ أَنَّهُ حقٌّ.


(١) أخرجه البخاري: كتاب النكاح، باب الخطبة، رقم (٥١٤٦)، من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -.

<<  <   >  >>