للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هُمْ يَعْرِفُونَ أن فِيهِمُ الغَنِيَّ والفَقِيرَ، والقَويَّ والضَّعيفَ، والذَّكيَّ والبَلِيدَ، والعَاقِلَ والسَّفيهَ، هُمْ يَعْرِفُون هَذَا.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: الحِكْمَةُ فِي أن الله عَز وجَلَّ جعَلَ النَّاسَ عَلَى درَجَاتٍ؛ لقَولِهِ: {لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا}.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: إثبَاتُ التَّعليلِ والحِكْمَةُ لأفعَالِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى أَي: أنَّهُ عَزَّ وجلَّ يَفْعَلُ لحِكْمَةٍ - لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لحِكْمَةٍ - لقَولِهِ: {لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا} لأَنَّ اللَّامَ هُنَا للتَّعلِيلِ.

وتَعْلِيلُ أحكَامِ اللهِ الكونيَّةِ مَوجُودٌ بكَثْرَةٍ فِي القُرآنِ، والأحكَامُ الشَّرعيَّةُ كالإيجَابِ والتَّحرِيمِ والإباحَةِ مُعلّلةٌ، فكُلُّ حُكْمٍ مِنْ أحكَامِ اللهِ الكونيَّةِ أَو الشَّرعيَّةِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ حِكْمَةٍ.

ولكِنْ هُنَا سُؤَالٌ: هَلْ هَذِه الحِكَمُ معْلُومَةٌ للخَلْقِ أَوْ لَيسَتْ معلُومَةً؟

فالجَوابُ: مِنْهَا مَا هُوَ مَعْلُومٌ، ومنْهَا مَا لَيسَ بمَعلُومٍ؛ لأَنَّ عُقُولَنا قَاصِرَةٌ مهْمَا بلَغْنَا مِنَ العَقْلِ فهُوَ قَاصِرٌ، إِذَنْ خُذْ هَذ الفَائِدَةَ: جَمِيعُ أحْكَامِ اللهِ الكَونيَّةِ والشَّرعيَّةِ مُعَلَّلةٌ بحِكْمَةٍ، لكِنْ مِنَ الحِكَمِ مَا نَعْلَمُهُ ومِنْهَا مَا لَا نَعْلَمُه، هكَذَا يَجِبُ.

فإِنْ قَال قَائِلٌ: أيُّهمَا أبْلَغُ فِي التَّعبُّدِ أَنْ يَعبُدَ اللهَ وهُوَ لَا يَعْرِفُ الحِكْمَةَ، أَوْ أَنْ يَعْبُدَ اللهَ وَهُوَ يَعرِفُ الحِكْمَةَ؟

فالجَوابُ: أمَّا مِنْ جِهَةِ التَّذلُّلِ المُطلَقِ فتَعبُّدُ الإنسَانِ بشَيءٍ لَا يَعرِفُ حِكْمَتَهُ أبلَغُ مِنْ تَعبُّدِهِ بشَيءٍ يَعرِفُ حِكْمَتَهُ؛ لأنَّهُ إِذَا تَعبَّدَ بشَيءٍ يَعرِفُ حِكْمَتَهُ فإِنَّهُ قَدْ يَتعبَّد للهِ مِنْ أَجْلِ هَذِهِ الحِكمَةِ، لكِنْ إِذَا لَمْ يَعرِفِ الحِكْمَةَ صَارَ أبلَغَ للتَّذلُّلِ، كَأَنَّهُ

<<  <   >  >>