للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} أَي: مُطيقِينَ، لَوْلَا أن اللهَ تعالى سخَّر البَعِيرَ لَنَا مَا أَطَقْنَاهَا، فالبَعِيرُ أقْوَى منَّا، وأكبَرُ منَّا جِسْمًا، لَوْ أَنَّ اللهَ سُبحَانَهُ وَتَعَالى جعَلَهَا صَعْبَةً فَلَا يُمكِنُ لأَحَدٍ أَنْ يَستَقِرَّ علَيهَا، أَوْ أَنْ يَحمِلَ علَيهَا، أَوْ أَنْ يدخِلَها إِلَى أيِّ مَكَانٍ شَاءَ، أَوْ أَنْ يُخرِجَها مَتَى شَاءَ، ولكِنَّ اللهَ سخَّر هَذَا لَنَا.

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: اعتِرَافُ العبْدِ بقُصُورِهِ وضعْفِهِ؛ لقَولِهِ: {وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} أَي: مُطيقِين.

الْفَائِدَةُ الثَّامِنةُ: أن الإنسَانَ إذَا رَكِبَ هذِهِ المَركُوباتِ يَتَذكَّرُ الرُّكوبَ الَّذِي هُوَ غَايَةُ الدُّنيا؛ لقَولِهِ: {وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} وتَفْسِيرُ المفسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ لها بالانْصِرَافِ أَي: (لمُنصَرِفُونَ إِلَى اللهِ) فِيه قُصُورٍ، والصَّوابُ: مَا ذكَرْنا أنَّكَ إِذَا رَكِبْتَ تَتذَكَّرُ رُكوبَكَ عَلَى النَّعشِ حِينَ تَنقَلِبُ إِلَى اللهِ عَز وجلَّ، فيَكُونُ فِي هَذَا تذَكُّرٌ للحَالِ المُستَقْبَلَةِ لبَنِي آدَمَ، وهِيَ حَالُ الانقِلَابِ إِلَى اللهِ عزَّ وَجَلَّ، وهَذَا الذِّكرُ عَامٌّ، كُلَّما رَكِبْتَ السَّيَّارةَ أَو البَعِيرَ أَو الطَّائِرَةَ تَذْكُرُ هَذَا: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (١٣) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ}.

فإنْ قَال قَائِلٌ: المصْعَدُ الكهرَبَائيُّ يُشرَعُ فِيهِ هَذَا الدُّعاءُ: (سُبْحَانَ الَّذِي سخَّر لَنَا هَذَا)؟

فالجَوابُ: هَذَا محَلُّ نظَرٍ؛ لأَنَّ هَذَا المصعَدَ الكهرَبَائيَّ فِي مَنزِلَةِ الدَّرَجِ، ولَيسَ بمنْزِلَةِ الرَّاكبِ الَّذِي يَسِيرُ، بَلْ هَذَا يَصعَدُ إِلَى فَوْقُ، فَفِي كَونِهِ مِنْ بَابِ المَركُوباتِ نَظَرٌ.

مَسْألةٌ: دُعَاءُ نُزُولِ المكَانِ: (أَعُوذُ بكلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ) هَلْ خَاصٌّ بالسَّفرِ أَوْ عَامٌّ؟

<<  <   >  >>