للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإِنْ قَال قَائِلٌ: وهَلْ يجوزُ وَصْفُ القُرَآنِ بالحُدُوثِ؟

فالجَوابُ: نَعَمْ، مُحْدَثٌ وحَادِثٌ؛ قَال اللهُ تعَالى: {وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إلا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ} [الشعراء: ٥]، لكِنْ لَا تَظُنَّ أن معْنَى مُحْدَث أَي: أنَّهُ مَخْلُوق، لَا، مُحْدَثٌ يَعْنِي: أن اللهَ تَكَلَّم بِهِ حِينَ نُزُولِهِ.

فإِنْ قَال قَائِلٌ: مَا القَوْلُ الرَّاجِحُ فِي نُزُولِ القُرآنِ، أنَّهُ نُزُولٌ وَاحِدٌ أَوْ نُزُولانِ: نَزَلَ إِلَى السَّماءِ الدُّنيا، ثُمَّ نَزَلَ إِلَينَا؟

فالجَوابُ: الظَّاهِرُ أنَّهُ نُزُولٌ وَاحِدٌ، نَزَلَ مِنْ عِنْدِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى، تَكَلَّم بِهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ سَمِعَهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ نَزَلَ بِهِ.

فإِنْ قَال قَائِلُ: عَلَى القَوْلِ بأَنَّ للقُرآنِ نُزُولًا وَاحِدًا كَيفَ نُفسِّرُ {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيلَةِ الْقَدْرِ [القدر: ١]؟

فالجَوابُ: نُفسِّر هَذَا بأَنَّ اللهَ تعالى بدَأَ إنزَالهُ فِي لَيلَةِ القَدْرِ.

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أن كَوْنَ القُرآنِ باللُّغةِ العربيَّةِ مَنقَبَةٌ كُبْرَى للعَرَب: أَنْ يَكُونَ القُرآنُ العَظِيمُ نزَلَ بلُغَتهِمْ؛ لقَولِهِ: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا}.

فإِذَا قَال قَائِلٌ: هَذِهِ عَصبيَّةٌ وحميَّةٌ للعَرَبِ ويَفتخِرُ بهَا العَرَبُ المُلحِدُونَ فمَا الجَوابُ؛ لأنَّ هَذَا مُشكِلٌ، فالعَرَبُ المُلحِدُون الَّذِين يَبنُونَ الوَلَاءَ والبرَاءَ عَلَى القَوميَّةِ العَربيَّةِ يَفْخَرُونَ بهَذَا! .

فنَقُوُل: مَنْ كَانَ كَافِرًا فَلَا فَخْرَ، ولَوْ كَانَ مِنْ صَمِيمِ العَرَبِ؛ والدَّليلُ: أبُو لهَبٍ عَمِّ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنزَلَ اللهُ فِي حَقِّهِ سُورَةً كَامِلَةً تُتلَى فِي الصَّلَاةِ، وفِي المسَاجِدِ، وفِي كُلِّ مَكَانٍ مما يُتلَى فِيهِ القُرآنُ إِلَى يَومِ القِيامَةِ فِي ذَمِّه، وهُوَ مِنْ صَمِيمِ العَرَبِ عَمِّ النَّبيِّ

<<  <   >  >>