الآية (١٩)
قَال اللهُ عَزَّ وجلَّ: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (١٩)} [الزخرف: ١٩].
قَولُه تعَالى: {وَجَعَلُوا} الضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى المُشرِكينَ، ومَعْنَى: {وَجَعَلُوا} أَي: صَيَّروا؛ ولذَلِكَ نَصَبَتْ مَفْعُولَينِ {الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ} الَّذِين أتمّوا العُبوديَّةَ عَلَى الوَجْهِ الأكْمَلِ؛ حَيثُ وَصفَهُمُ اللهُ سُبحَانَهُ وَتَعَالى بأَنَّهُم {عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (٢٦) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} [الأنبياء: ٢٦ - ٢٧] {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} وذَلِكَ بقَوْلهِم: إنَّ الملائِكَةَ بِنَاتُ اللهِ. انْظُرُوا هَذَا الافِتَراءَ!
أوَّلًا: افْتَرَوْا بأَنَّهُم بنَاتُ اللهِ.
ثانِيًا: افْتَرَوْا بأنَّهُم بنَات، ومَا يدْريهِمْ أن الملائكَةَ بنَات؟ لكِنْ لمَّا كَانَ وَصْفُ الأنوثَةِ وَصْفًا رَدِيئًا -عِنْدَهُم- قَالُوا: هُمْ إنَاث وَالبَنُونَ لهمْ.
وقَال اللهُ عَزَّ وجلَّ مُنكِرًا علَيهِم: {أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ} يَعْنِي: أَحَضَرُوا خَلْقَهُم، وعَرَفُوا أنَّهُم إنَاث، والاستِفْهَامُ هُنَا للإنكَارِ أَوْ للتَّحدِّي. يَعْنِي: أن اللهَ أَنْكَرَ علَيهِمْ، أَوْ تَحدَّاهُم هَلْ حَضَرُوا أَوْ لَا، وهَذَا كقَولِهِ تعَالى: {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (٥١)} [الكهف: ٥١].
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute