للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الآية (٣١)

قَال اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَينِ عَظِيمٍ} [الزخرف: ٣١].

قَالُوا أيضًا لمَّا جَاءَهُمُ الحَقُّ: {وَقَالُوا لَوْلَا} قَال المُفسِّر رَحَمَهُ اللهُ: [هَلَّا] {نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَينِ عَظِيمٍ}: {لَوْلَا} بمَعْنَى: هَلَّا، ولَهَا أمثِلَة: مِثْلُ قَولِهِ: {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: ١٣] أَي: هَلَّا جَاؤُوا علَيهِ بأَرْبَعَةِ شُهدَاءَ.

وقَوله: {نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَينِ} هذِهِ عِلَّة أُخرَى لرَدِّهم القُرآنَ، يَقُولُون: لَوْ كَانَ هَذَا القُرآنُ نَزَلَ عَلَى رَجُلٍ عظِيمٍ مِنَ القَريتَينِ، وهُمَا مَكَّةُ والطَّائِفُ. يَعْنِي: لكُنَّا قَبِلْنَاهُ، لكِنَّهُ لَمْ يَنْزِلْ عَلَى رَجُلٍ عظِيمٍ مِنَ القَريتَينِ فَلَا نَقْبَلُهُ، -سُبْحَانَ اللهِ- مَا أعظَمَ عِنَادَهم! إنَّ محمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - هُوَ أعظَمُ رَجُلٍ فِي قُريشٍ، إِنْ نظَرْتَ إِلَى سِلسِلَةِ آبَائِهِ وجَدْتَ الأَمْرَ كذَلِكَ، وإِذَا نظَرْتَ إِلَى خُلُقِهِ ومُعَامَلَتِهِ وَجَدْتَ الأَمْرَ كذَلِكَ، حتَّى كَانُوا يُلقِّبُونَه بالأَمِينِ، ولمَّا جَاءَ الحقُّ صَارَ كذَّابًا، صَارَ سَاحِرًا، صَارَ مَجنُونًا، صَارَ كاهِنًا.

إذَنْ: تَعلَّلوا الآنَ بعِلَّة ثَانيَةٍ -غَير أن القُرآنَ سِحْرٌ-، وهِيَ أنَّهُم قَالُوا: لَوْ أن القُرآنَ نَزَلَ عَلَى رَجُلٍ عظِيمٍ مِنْ أهْلِ الطَّائِفِ، أَوْ أهْلِ مَكَّةَ لقَبِلْنَاهُ، ولكِنْ نَزَلَ عَلَى محُمَّدٍ، ولَيسَ عظيمًا فِي قَومِهِ، فَلَا نَقْبلُهُ.

<<  <   >  >>