للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الآية (٣)

* قَال اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الزخرف: ٣].

{إِنَّا جَعَلْنَاهُ} يَقُولُ المُفسِّرُ رَحَمَهُ اللهُ: [أَوْجَدْنا الكِتَابَ {قُرْآنًا عَرَبِيًّا} بلُغةِ العَرَبِ، {لَعَلَّكُمْ} يَا أهْلَ مَكَّةَ {تَعْقِلُونَ} تَفهَمُونَ معَانيَهِ].

قولُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ} ضَمِيرُ الفَاعِلِ يَعُودُ عَلَى اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى، وضَمِيرُ المَفعُولِ يَعُودُ عَلَى القُرآنِ، ومَعْنَى {جَعَلْنَاهُ} عَلَى كَلَامِ المُفسِّر: أَوْجَدْنَاهُ {قُرْآنًا عَرَبِيًّا}، والصَّوابُ أن المَعْنَى: صَيَّرْنَاه قُرْءانًا عَرَبِيًّا، أَي: صَيَّرنَاهُ بلُغَةِ العَرَبِ.

{لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} أَي: تَفْهَمُونَ.

و{جَعَلْنَاهُ} بمَعْنَى: صيَّرْنَاه، أحيَانًا جَعَلَ تَكُونُ بمَعْنَى صَيَّرَ، وأَحْيَانًا تَكُونُ بمَعْنَى خَلَقَ، حسَبَ السِّياقِ، إذَا نصَبَتْ مفْعُولَينِ فهِي بمَعْنَى صَيَّر، وإِذَا نَصَبَتْ مَفعُولًا واحِدًا فهِي بمَعْنَى {خَلَقَ} مِثْلَ قَولِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى: {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} [الأنعام: ١] أَي: بمَعْنَى خَلَق؛ لأنَّها لَمْ تَنْصِبْ إلا مَفْعُولًا واحِدًا، أمَّا إِذَا نَصَبَتْ مَفْعُولَينِ فهِيَ بمَعْنَى صَيَّر.

والخِطَابُ فِي قَولِهِ: {لَعَلَّكُمْ} عَلَى كَلَامِ المُفسِّر يَعُودُ إِلَى أهْلِ مَكَّةَ، والصَّوابُ أنَّهُ يَعُودُ إِلَى العَرَبِ كُلِّهم، لأَنَّ العَرَبُ هُمْ أهْلُ مَكَّةَ وغَيرُهُم، فيَكُونُ المَعْنَى: صَيَّرنَاهُ بلُغَةِ العَرَبِ؛ لتَفهَمُوهُ أيُّها العرَبُ.

<<  <   >  >>