الآية (١١)
* * *
قَال اللهُ عزَّ وجلَّ: {وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} [الزخرف ١١].
وقَوْلُه: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا} قِرَاءَتَانِ "مِهَادًا" وقَدْ جَاءَتْ فِي آيَةٍ أُخْرَى بهَذَا اللَّفْظِ، {مَهْدًا} وهِيَ بمَعْنَى (مِهَاد).
قَولُهُ تعَالى: {وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ} أَي: أَنزَلَهُ شَيئًا فَشَيئًا، فتَجِدُ المَطَرَ ينزِلُ مِنَ السَّماءِ نُقَطًا، ولَوْ جَاءَ كأَفْواهِ القِرَبِ لأَفْسَدَ الأرْضَ وهدَمَ البِنَاءَ، ولكِنْ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ عَز وجلَّ أَنْ جعَلَهُ ينْزِلُ شَيئًا فشَيئا، ومَعَ ذَلِكَ تَسِيلُ مِنْهُ الأودِيَةُ وَهُوَ مِنْ نُقطَةٍ نُقطَةٍ، لكِنْ مَعَ كَثرَتِهِ تَسِيل بِهِ الشِّعابُ.
وقَوْلُه: {مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} السَّماءُ هُنَا المُرادُ بهَا العُلُوُّ، واعْلَمْ أن السَّماءَ يُطلَقُ عَلَى مَعنيَينِ:
المعْنَى الأوَّل: العُلوُّ.
والمعْنَى الثَّانِي: السَّقْفُ المحفُوظُ الَّذِي هُوَ السَّمواتُ السَّبعُ.
فقَولُهُ سُبحَانَهُ وَتَعَالى: {وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَينَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [البقرة: ١٦٤] المُرادُ بالسَّماءِ هُنَا السَّقفُ المحفُوظُ، وكذَلِكَ قَولُهُ عَز وَجَلَّ: {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا} [الأنبياء: ٣٢]؛ وأمَّا قَولُهُ: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ} [الأنعام: ٩٩] المُرادُ بِهِ العُلوُّ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute