الآية (٢٩)
قَال اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ} [الزخرف: ٢٩].
ثُمَّ قَال سُبْحَانَهُ وَتَعَالى: {بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ} {بَلْ} هذ للإضْرَابِ، إضْرَابُ انتِقَالٍ؛ لبَيَانِ مِنَّةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى قُرَيشٍ.
قَال المفسر رَحَمَهُ اللهُ: [{مَتَّعْتُ هَؤُلَاءِ} المُشرِكين]، أَي: أَبقَيتُهم [{وَآبَاءَهُمْ} ولَمْ أُعاجِلْهُمْ بالعُقُوبَةِ] بَلْ أَبقَاهُمْ بدُونِ عُقُوبةٍ مَعَ شِرْكِهم وكُفْرِهِمْ، واتِّخاذِ أصنَامٍ كاللَّاتِ والعُزَّى وهُبَل ومَنَاةَ. {حَتَّى} للغَايَةِ يَعْنِي: إِلَى أنْ {حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ}: {حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ} يَقُولُ رَحَمَهُ اللهُ: [القُرآنُ] والصَّوابُ مَا هُوَ أعَمُّ: القُرآنُ، والإسْلَامُ، والسُّنَّةُ. فهُوَ أعَمُّ ممَّا قَالهُ المُفسِّر.
ونحْنُ نقُولُ بالقَاعِدَةِ الَّتِي أَشَرْنَا إلَيهَا قَبْلَ قَلِيلٍ، وهِيَ إبقَاءُ القُرآنِ عَلَى عُمُومِهِ فلا نُخَصِّصُه، فنَقُولُ: {جَاءَهُمُ الْحَقُّ} أيِ: الَّذِي أَتَى بِهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ القُرآنِ والسُّنَّةِ وغَيرِ ذَلِكَ مِنَ الشَّريعَةِ.
قَال رَحَمَهُ اللهُ: [{وَرَسُولٌ مُبِينٌ} مُظهِرُ عِلْمِ الأحكَامِ الشَّرعيَّةِ، وهُوَ محُمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -].
{وَرَسُولٌ} نَكَّرهُ للعِلْمِ بِهِ، ونَكَّرَهُ للتَّعظِيم، وقَولُهُ: {مُبِينٌ} أَي: مُظهِرٌ للأحكَامِ الشَّرعيَّة والأَمْرِ كَمَا قَال اللهُ عَزَّ وَجَلَّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute