الآية (١٧)
قَال اللهُ عَز وجلَّ: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} [الزخرف: ١٧].
قَولُهُ: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ} يَعْنِي: بذَلِكَ قُريشًا وأشبَاهَهم ممَّنْ يَكرَهُون البنَاتِ ويَئِدُونَهم.
قَوُلهُ: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ} أَي: أُخبِرَ بأنهُ وُلدَ لَهُ بنْتٌ {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا}.
وقَولُهُ هُنَا: {ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا} ولَمْ يقُلْ كَمَا قَال فِي الْآية الثَّانيَةِ {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى}؛ لأنَّها سَبَقَها ذِكْرُ قَولِ هَؤُلاءِ: إنَّ الملائِكَةَ بنَاتُ اللهِ. فضَرَبُوها مثَلًا لله سُبحَانَهُ وَتَعَالى، فإذَا بُشِّر أحدُهُم بهَذَا الَّذِي ضربَه مَثلًا للرَّحمنِ {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا} أَي: صَارَ وجهُه مُسوَدًّا.
و(ظَلَّ) هُنَا بالظَّاء المُشالةِ؛ لأنَّها بمَعْنَى: صَارَ، أمَّا (ضَلَّ) الَّتِي هِيَ بالضَّادِ فهِيَ بمَعْنَى: تَاهَ وضَاعَ، تَقُولُ: ضَلَّ الطَّريقَ. بمَعْنَى: تَاهَ وضَاعَ.
أمَّا {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا} فهُوَ بمَعْنَى صَارَ وَجْهُه مُسودًّا. أَي: بعْدَ أَنْ كَانَ أبْيضَ.
فإنْ قَال قَائِلٌ: قَولُهُ: {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا} هذه فِي الدُّنيَا والآخِرَةِ أَمْ فِي الدُّنيَا؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute