للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الآيات (٣٦ - ٣٨)

قَال اللهُ عَزَّ وَجَّل: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (٣٦) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (٣٧) حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَال يَاليتَ بَينِي وَبَينَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَينِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ} [الزخرف: ٣٦ - ٣٨].

قَال اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ} لمَّا ذكَرَ أحوَال الدُّنيَا، وأنَّهُ لَولَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً عَلَى الكُفْرِ لمتَّعَ الكُفَّار بِمَا سمِعْتُم، وهذِهِ الدُّنيا لَا بُدَّ أَنْ تَحمِلَ الإنسَانَ عَلَى الإعْرَاضِ عَنْ ذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ قَال: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيطَانًا}.

قَوُلهُ: {وَمَنْ يَعْشُ} فسَّرها رَحَمَهُ اللهُ بـ[يُعرِضُ]، ولكِنَّ التَّفسِيرَ المُطَابِقَ أَنَّ مَعْنَى: {يَعْشُ} أَي: يَتَعَامَى حتَّى يَرَى رُؤَيةَ الأعْشَى الَّذِي يُبصِرُ فِي النَّهارِ ولَا يُبْصِرُ فِي اللَّيلِ، فمَعْنَى: {يَعْشُ} أَي: يَتَعَامَى كَمَا فَسَّرَهَا بذَلِكَ ابْنُ كَثِيرٍ وغَيرُهُ مِنَ المُفسِّرينَ، ولكِنَّ المُفسِّرَ فسَّرَها بـ[يُعرِضُ]؛ لأنَّهُ مِنْ لازِمِ التَّعامِي الإعرَاضُ.

قَال رَحَمَهُ اللهُ: [{وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ} أَيِ: القُرآنِ] فجعَلَ المُفسِّرُ ذِكْرَ الرَّحمنِ يَعْنِي: القُرآنَ، وأَضَافَهُ إِلَى الرَّحمَنِ؛ لأَنَّ إنزَالهُ رحمَةٌ للخَلْقِ، هكَذَا مَشَى المُفسِّرُ رَحَمَهُ اللهُ.

والصَّوابُ: خِلَافُ ذَلِكَ، والمُرادُ بـ {ذِكْرِ الرَّحْمَنِ} تَذَكُّر الرَّحمنِ، يَعْنِي: مَنْ

<<  <   >  >>