للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خَيْرٌ مِنْ كُلِّ امرَأةٍ مِنَ النِّساءِ؛ لأَنَّ مِنَ النِّساءِ مَنْ هُوَ خَير مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الرِّجالِ، لكِنَّ المُرادَ الجِنْسُ. يَعْنِي: هَذَا الجِنْسُ خَير مِنْ هَذَا الجِنْسِ.

وإِنْ قَال قَائِلٌ: بَدَأَ اللهُ سُبحَانَهُ وَتَعَالى فِي هَذه السّورَةِ بقَوْلِهِ: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا}، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ قَال: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا}، ثُمَّ قَال عَز وجلَّ: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ} جَعَلَ، جَعَلَ، جَعَلَ؛ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَها {وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا} فهَلْ هُنَاكَ تَنَاسُبٌ بَينَ هَذه؟

فالجَوابُ: يُقَالُ: إنَّ هَذَا تَنَاسُبٌ لفظِيٌّ؛ لأنَّه أحيَانًا يَكُونُ الكَلَامُ -إِذَا كَانَ عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ- أَبلَغَ، فيَكُونُ هَذَا مِنْ بَابِ التَّناسُبِ اللَّفظيِّ.

من فوائد الآية الكريمة:

الْفَائِدَةُ الأُولَى: أن الولَدَ جُزْءٌ مِنْ وَالده، لقَولِهِ: {وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا}؛ ولذَلِكَ كَانَ الولَدُ فِي التَّعصِيب فِي بَابِ الميرَاثِ مُقدَّمًا عَلَى الوَالِدِ، بمَعْنَى: أنَّه لَوْ مَاتَ ميّتٌ عَنْ أَبيهِ وابْنِهِ، فلأَبيهِ السّدُسُ فَرْضًا، والبَاقِي للابْنِ تَعْصِيبًا، فسَهْم الابْنِ الْآنَ خمسَةٌ مِنْ سِتَّةٍ، وسهْمُ الأَبِ وَاحِدٌ مِنْ سِتَّة؛ لأنَّ الابْنَ جُزْءٌ مِنْ أَبِيهِ فقُدِّم.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنَّه يجوزُ للأَبِ أَنْ يَتمَلَّك مِنْ مَالِ ولَده؛ لأَنَّ ولدَهُ جُزْؤُه، وإِذَا كَانَ جُزْءًا مِنْهُ، صَارَ كسَائِرِ جَسَده، ولهذَا جَاءَ فِي الحَدِيثِ: "أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ" (١) فلِلْأَبِ أَنْ يَتملَّك مِنْ مَالِ وَلَده مَا شَاءَ، بشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ الولَدُ مُحتَاجًا


(١) أخرجه الإمام أحمد (٢/ ٢٥٤)، وأبو داود: كتاب البيوع، باب في الرجل جمل من مال ولده، رقم (٣٥٣٠)، وابن ماجه: كتاب التجارات، باب ما للرجل من مال ولده، رقم (٢٢٩٢)، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -.

<<  <   >  >>