إعجازياً جديداً لهذا الدين من خلال يقين الجميع بان الذي فعله الأنبياء والرسل وأتباعهم يوافق حركة الوجود الكوني قاطبة في جريانه المستقر المرسوم دوراناً من جهة اليسار الأيمن.
فهل من دليل أوضح من هذا يظهر أن بصمة مبدع الحياة بمجراتها ومخلوقاتها، وبصمة منزل الكتاب والأحكام تكليفاً وتشريفاً واحدة، وأنها تحكي العبودية والولاء لله رب لعالمين؟ .
وهل من بيان أوفى من هذه اللوحة الإعجازية التي تشير إلى أن الوجود المترامي الأطراف يتحرك وفق الخطى المرسومة له خضوعاً قسرياً لسلطان ذي العزة المتعال، بينما الكائن البشري الذي زوده الله بالنظر والإرادة شُرف بالانصياع والاختيار لصاحب الإيجاد والإمداد، لكن بدافع العقل وضيائه، والفطرة وصفائها.
وكأني بهذا الوجود الكوني يطوف حول الكعبة المشرفة كل ضمن مساره، مسبحاً لله تعالى، بدءاً من إلكترونات الذرة وبروتونات النواة، ومروراً بالكواكب، وانتهاء بالمجرات والدروب الكونية، في الاتجاه الذي يطوف وفقه المسلم حول بيت الله، في تجل جديد لقوله تعالى:{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}[الإسراء: ٤٤].
فلا عجب بعد هذا أن يصرح الأصحاب في مذهب الشافعية بأن الطواف أفضل الأركان؛ لأنه قربة في نفسه (١)؛ ولأنه يتكرر في كل وقت من ليل أو نهار؛
(١) الزركشي ذهب إلى خلاف مذهب الشافعية - مع كونه منهم - فقال: أفضلها الوقوف بعرفة، لأن الحج عرفة، =