للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المكان الذي تقف فيه قدماك، فأيُّ تيه وفخار مثل هذا.

هذا المسجد كان موضع اهتمام المسلمين والخلفاء في شتى العصور، لذلك فإن بناءه الحالي عثماني فيما يبدو، وكان قبلُ قد بنى المسجد أبو جعفر المنصور سنة ١٤٤ هـ/٧٦١ م، وهو ما تصرح به لوحة مثبتة في جدار القبلة للمسجد، وهو يتكوّن اليوم من فناء مكشوف تتقدّمه مظلة (١).

[مسجد الراية]

مسجد الراية هو المسجد الذي بناه عبد الله بن عبّاس بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهم - في الموضع الذي ركز فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رايته بالحجون (٢)، وهو الخبر الذي ساقه البخاري في صحيحه في كتاب المغازي من حديث طويل يحكي أسر أبي سفيان في مرّ الظهران (٣)، وإسلامه، واستعراض كتائب جيش الفتح أمامه كتيبة كتيبة، قال: «وأمرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تُرْكَز رايته بالحَجون (٤)» (٥).

ولقد انتهى الدكتور محمد إلياس عبد الغني من تحقيقه في الموضع الذي رَكَز فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رايته، ومن ثَمَّ بُني مسجد الراية في موضعه، إلى أنه اليوم يعرف بمسجد الجودرية، على شارع غزة، وسمّي بذلك لوقوعه بالجودرية، وقد جدّد بناءه الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ سنة ١٣٦١ هـ/١٩٤٢ م، ثم أُعيد بناؤه في عهد


(١) انظر «تاريخ مكة المكرمة قديماً وحديثاً» د. محمد إلياس عبد الغني صـ ١٣١ - ١٣٢.
(٢) المرجع المذكور صـ ١٣٥.
(٣) مرّ الظهران موضع يبعد عن مكة ٢٥ كيلومتراً ويعرف اليوم بوادي فاطمة أو الجموم، ويقع قبل حاجز النورانية الذي يقام بصورة دائمة في مدخل مكة، وأنت قادم من المدينة.
(٤) قال العلامة ابن حجر في فتح الباري جـ ٨ صـ ١٣: » بفتح المهملة وضم الجيم الخفيفة هو مكان معروف بالقرب من مقبرة مكة «. أقول: والعامة اليوم يلفظون الكلمة خطأ بضم الحاء (الحُجون) فتَنبَّهْ.
(٥) صحيح البخاري (٤٢٨٠).

<<  <   >  >>