للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مني، أحاربُ من حاربتم، وأُسالم من سالمتم.

ومما جاء في هذا اللقاء المصيري أن قال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

أخرجوا إليَّ منكم اثني عشر نقيباً ليكونوا على قومهم بما فيهم، فأخرج الخزرج تسعة نقباء منهم، وأخرج الأوس ثلاثة منهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للنقباء:

أنتم كفلاء على قومكم ككفالة الحواريين لعيسى بن مريم، وأنا كفيل على قومي.

فبدأت البيعة، وكان أول من ضرب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البراء بن معرور ثم بايع القوم كلهم بعد ذلك (١).

هذه البيعة ـ كما ترى ـ لم تكن بلا جهاد على شاكلة البيعة الأولى، لذلك تمَّت، وقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «ارفضوا إلى رحالكم» قال له العباس بن عبادة بن نفلة، وقد امتلأ حماساً وإخلاصاً:

والله الذي بعثك بالحق إن شئت لنملينّ على أهل منى غداً بأسيافنا؟ فأجابه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: لم نؤمر بذلك (٢).

وصل الخبر إلى قريش فسألت فأقسم المشركون من الخزرج أنّ شيئاً من ذلك لم يحصل ثم تبين لهم بعد ذلك أنه حصل.

وللكلام تتمة تعود إليه في مظانها من كتب السيرة، وفي هذا القدر كفاية لذوي العناية، والمقصود أن ندرك سيرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في كل موقع ننزل فيه لنتعلم، ونقتدي ونعلِّم، إذ لا أجمل من فهم السيرة وأنت تتصور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحبه في


(١) فقه السيرة صـ ١٧٩ ـ ١٨٠.
(٢) المرجع المذكور صـ ١٨٠ ـ ١٨١.

<<  <   >  >>