للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالنّظر لذنب غير الكفر، حيث لا مانع من تخفيفه، أو هذا التخفيف خاص به وبمن ورد فيه النص، وهذا إكرام لمن وقع البرّ لأجله، وهو النبى صلّى الله عليه وسلّم، فلا غرابة فى أنّ مولده الشريف على تداول الأيام صار متّبعا من جميع الناس، أكابر وأصاغر، وإن كان بدعة فهو من البدع المحمودة، وابتداعه مبنى على قاعدة الشكر للمولى في إيجاده، والواقع أن الأصل في حسن البدعة وقبحها أن تعرض على قواعد الشريعة: فما تدخل في قواعده من الأحكام الخمسة «١» تنسب إليه، وكم من سنن ابتدعت على طريق القرب إلى الله تعالى وصارت ملحقة بالسنّة الشريفة، والمولد النبوى منها، إذ لا ضرر ولا ضرار في فعله لمن أراد ذلك في ربيع الأوّل أو غيره، بل نصّ ابن الجوزى أنه مما جرّب أنّ فعله يورث الأمان التام في ذلك العام، كما سيأتي، وإن قال ما قال فيه تاج الدين الفاكهانى المالكى من الإنكار، وتعقّبه الجلال السيوطى وردّ عليه الردّ التام بسلوك طريق الاستدلال والاستظهار، وحكم بينهما «٢» العلّامة الشيخ عبد السلام اللقانى المالكي، وقضى بينهما بقول فصل وحكم عدل يشهد له بالفضل، أشبع في مقاله بالنصوص القاطعة والحجج الدّاحضة بما يقنع من الدليل ويشفى الغليل، ويكشف عن وجوه البدع قناع التأويل، فلنذكر كلامه في هذا المعنى برمّته مع بعض تصرف في العبارة، وإن كان فيه تكرار شيء مما سبق، حيث هو مؤكد له ومزيل الغطاء عن غمته.

ونصّ عبارة الشيخ عبد السلام اللقافي: المنقولة من مسودّة حاشية له على بعض السير النبوية:

«وقد أردت إيراد بعض فوائد تتعلق بالمولد الشريف مما ذكره النجم «٣» وغيره فأقول مستعينا به سبحانه:

اعلم أن الناس اختلفوا في عمل المولد واجتماع الناس له، والذى صرّح به العلّامة تاج الدّين الفاكهانى المالكى- رحمه الله- أنه بدعة مذمومة، وألّف فى ذلك كتابا صدّر ديباجته بقوله بعد البسملة والحمدلة وما يطلب له الإتيان به:


(١) أى الوجوب، والندب، والإباحة، والكراهية، والتحريم.
(٢) أى بين الفاكهانى والسيوطي.
(٣) هو النجم الغيطى- كما سيأتي.