للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والعاشر: وحشىّ بن حرب، قاتل حمزة، وكان كثير من المسلمين حريصا على قتله، ويوم فتح مكة هرب إلى الطائف وأقام هناك إلى زمان قدوم وفد الطائف إلى النبى صلّى الله عليه وسلّم، فجاء معهم ودخل عليه، وقال: أشهد ألاإله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، فقال النبى صلّى الله عليه وسلّم: أنت وحشي؟ قال: نعم، قال: أأنت قتلت حمزة؟ قال: قد كان من الأمر ما بلغك يا رسول الله، قال: اجلس واحك لى كيف قتلته، ولمّا قصّ عليه قصة قتله، قال: أما تستطيع أن تغيّب وجهك عني!

وكان وحشى بعد ذلك إذا رأى النبى صلّى الله عليه وسلّم يفرّ منه ويختفى.

والحادى عشر: عبد الله بن الزبعري، وكان من شعراء العرب، وكان يهجو أصحاب النبى صلّى الله عليه وسلّم ويحرّض المشركين على قتالهم، ويوم الفتح لما سمع أن النبى صلّى الله عليه وسلّم أهدر دمه هرب إلى نجران وسكنها، وبعد مدة وقع الإسلام في قلبه، فأتى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فلما راه من بعيد قال: هذا ابن الزبعري، ولما دنا منه قال: السلام عليك يا رسول الله، أشهد ألاإله إلا الله وأشهد أنك رسول الله.

* وأما النساء الست اللاتى أهدر النبى صلّى الله عليه وسلّم دماءهن يوم الفتح.

فإحداهن هند بنت عتبة، وهى امرأة أبى سفيان.

روى أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لما فرغ يوم فتح مكة من بيعة الرجال، أخذ في بيعة النساء، وهو على الصفا، وعمر جالس أسفل منه يبايعهن بأمره، ويبلغهن عنه، فجاءت هند ابنة عتبة- امرأة أبى سفيان- وهى متنكرة خوفا من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يعرفها لما صنعت بحمزة في كونها مثّلت به ومضغت كبده، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أبايعكن على ألاتشركن بالله شيئا، فبايع عمر النساء على أن لا يشركن بالله شيئا، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ولا يسرقن، فقالت هند: إن أبا سفيان رجل شحيح، فإن أصبت من ماله هناة؟ فقال أبو سفيان: ما أصبت فهو لك حلال، فضحك النبى صلّى الله عليه وسلّم وعرفها، وقال لها: وإنك لهند؟ فقالت: نعم فاعف عما سلف يا نبى الله، فقال: عفا الله عنك، فقال: ولا يزنين، فقالت: أتزنى الحرة؟! فقال: ولا يقتلن أولادهن، فقالت: ربيناهم صغارا وقتلتهم كبارا، فأنتم وهم أعلم (وكان ابنها حنظلة بن أبى سفيان قد قتل يوم بدر) ، فضحك عمر رضى الله عنه حتّى استلقي، وتبسم صلّى الله عليه وسلّم؛ ولما قال صلّى الله عليه وسلّم: ولا يأتين ببهتان يفترينه، قالت: