للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الفصل الثانى في ظواهر السنة الثانية من الهجرة، وما فيها من الغزوات]

* وفي هذه السنة تحويل القبلة من صخرة بيت المقدس إلي المسجد الحرام.

وعن ابن عباس أنه قال: «أول ما نسخ من القران القبلة» ، وذلك أنه صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه كانوا يصلون بمكة إلي الكعبة، فلما هاجروا إلي المدينة أمره الله تعالى أن يصلى نحو صخرة بيت المقدس، ليكون أقرب إلي تصديق اليهود إياه إذا صلي إلي قبلتهم، مع ما يجدون من نعته في التوراة، وصلّى بعد الهجرة ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا إلي بيت المقدس، وكان يحبّ أن يوجّه إلي الكعبة؛ لأنها كانت قبلة أبيه إبراهيم عليه السلام، فأنزل الله قوله تعالى: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ [البقرة: ١٤٤] .

وروى الليث عن يونس عن الزهرى قال: «لم يبعث الله منذ هبط ادم إلى الأرض نبيا إلا جعل قبلته صخرة بيت المقدس» . وقد سبق التنويه إلى ذلك قريبا. فلما حوّلت القبلة كان النبى عليه الصلاة والسلام في مسجد القبلتين، في بني سلمة، فكان يصلى فيه الظهر إلي بيت المقدس، وقد صلّى بأصحابه ركعتين من الظهر، فتحوّل في الصلاة واستقبل الميزاب «١» ، وحوّل الرجال مكان النساء والنساء مكان الرجال، فوقع نصفها إلي بيت المقدس ونصفها إلي الكعبة، فسمّي ذلك المسجد مسجد القبلتين.

وفيها «في شعبان» فرض صوم رمضان، وأمر الناس بإخراج زكاة الفطر عن الصغير والكبير، والحر والعبد، والذكر والأنثي، وصاع من تمر أو من زبيب أو من بر، وقال: «أغنوهم- يعنى المساكين- عن ذلك السؤال في هذا اليوم» «٢» .

قال ابن حجر: «وثواب الصوم الناقص كالكامل «٣» فى الفضل المرتب علي رمضان من غير نظر لأيامه، أمّا ما يترتب علي صوم الثلاثين من ثواب واجبه


(١) الميزاب: مسيل الماء والمزراب.
(٢) أخرجه البيهقى والدار قطنى من حديث ابن عمر.
(٣) الناقص: تسعة وعشرون يوما، والكامل: ثلاثون يوما.