للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل العاشر فيما وقع من وفود العرب عليه صلّى الله عليه وسلّم، وفي حجة الوداع

* وفي هذه السنة بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خالد بن الوليد في ربيع أو جمادى في سرية (أربعمائة) إلى نجران وما حولها، يدعو بنى الحارث بن كعب إلى الإسلام ويقاتلهم إن لم يفعلوا، فأسلموا وأجابوا داعيته، وبعث الرسل في كل وجه، فأسلم الناس، فكتب بذلك إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فكتب إليه بأن يقدم مع وفدهم، فأقبل خالد ومعه وفد بنى الحارث بن كعب، منهم: قيس بن الحصين، ويزيد بن عبد المدان، ويزيد بن المحجل، وعبد الله بن قراد الزيادي، وشدّاد بن عبد الله الضبابي، وعمرو بن عبد الله الضبابي، فأكرمهم النبى صلّى الله عليه وسلّم، وقال لهم: «بم كنتم تغلبون من يقاتلكم في الجاهلية؟» .

قالوا: كنا نجتمع ولا نفترق، ولا نبدأ أحدا بظلم. قال: صدقتم.

فأسلموا، وأمّر عليهم قيس بن الحصين، ورجعوا صدر ذى القعدة من سنة عشر، ثم أتبعهم عمرو بن حزم (من بنى النجار) ليفقههم في الدين ويعلّمهم السنّة، وكتب صلّى الله عليه وسلّم إليه كتابا عهد إليه فيه عهده، وأمره بأمره، وأقام عاملا على نجران، وهذا الكتاب وقع في السير مرويا، واعتمده الفقهاء في الاستدلالات، ومنه أخذت كثير من الأحكام الفقهية، ونصه:

بسم الله الرحمن الرحيم «هذا كتاب من الله ورسوله- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ «١» عهد من محمد النبى لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن، أمره بتقوى الله في أمره كله؛ فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، وأمره أن يأخذ بالحق كما أمره الله، وأن يبشّر الناس بالخير ويأمرهم به، ويعلّم الناس القران ويفهّمهم فيه، وأن ينهى


(١) المائدة: ١.