للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الفصل السادس في ظواهر السنة السادسة وما فيها من الغزوات]

* وفي هذه السنة كانت غزوة «الغابة» وتعرف بذى قرد:

والغابة: الشجر الملتف، وذى قرد بفتح القاف والراء، وبالدال المهملة، وقيل:

بضم القاف وفتح الثاني: موضع علي ميلين من المدينة علي طريق خيبر.

كانت هذه الغزوة في السنة السادسة من الهجرة، بعد غزوة بنى لحيان.

وقال البخارى: كانت قبل خيبر بثلاثة أيام، وفي مسلم نحوه، ولكن إجماع أهل السير علي خلافهما «١» . وهى الغزوة التى أغار فيها عيينة بن حصن في خيل من غطفان وفزارة علي لقاح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالغابة قبل خيبر، وكانت اللقاح عشرين لقحة، واللقحة: ذات اللبن القريبة من الولادة، وكان أوّل من علم بهم سلمة بن الأكوع الأسلمى رضى الله تعالى عنه؛ فإنه غدا يريد الغابة متوشحا قوسه، ومعه غلام لطلحة بن عبيد الله معه فرس لطلحة يقوده، فلقى غلاما لعبد الرحمن بن عوف، فأخبره أن عيينة بن حصن قد أغار علي لقاح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في أربعين فارسا من غطفان، فخرج سلمة يقتفى أثر القوم كالسّبع، وكان يسبق الفرس جريا، حتى لحق بهم، فجعل يردهم بالنبل، ويقول إذا رمي:

خذها وأنا ابن الأكوع ... اليوم يوم الرّضّع

(أى يوم هلاك اللئام)

فإذا وجهت الخيل نحوه انطلق هاربا، وكانت إذا دخلت الخيل في بعض مضايق الجبل يعلو سلمة الجبل ويرميهم بالحجارة، حتى خففوا رحلهم بإلقاء كثير من الرماح والبرد «٢» .


(١) الشيخان أصدق من أهل السير؛ لأنهما أخذا الرواية بالسند الصحيح.
(٢) جمع بردة: كساء أسود مربع فيه صغر، تلبسه الأعراب، والجمع برد. بفتح الراء (كذا في المختار) .