ثم سكت ورقة وتكلّم أبو طالب، وقال: قد أحببت أن يشركك عمها. فقال عمها: اشهدوا عليّ يا معشر قريش أنى قد أنكحت محمد بن عبد الله خديجة بنت خويلد، وشهد على ذلك صناديد قريش» .
وقال في السمط الثمين: «وأصدقها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عشرين بكرة، ويمكن الجمع بتقويم الثمن بذلك، أو أنّ أحد الشيئين مهر والاخر هدية من عمه لخديجة رضى الله تعالى عنها، أو أنه صلّى الله عليه وسلّم زاد ذلك في صداقها على صداق أبى طالب، فكان الكل صداقا اهـ.
وهذه الخطب بهذه المثابة تدل على أن قريشا في ذلك الزمن كانت على حظ وافر من التأنس، ولها نصيب جسيم من المهابة.
ولما تزوج خديجة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نحر جزورا أو جزورين وأطعم الناس، وهى أول وليمة أولها صلّى الله عليه وسلّم.
وقال في المنتقي: «فأمرت خديجة جواريها أن يرقصن ويضربن بالدفوف.
وعاشت خديجة بعد النكاح أربعا وعشرين سنة وخمسة أشهر وثمانية أيام؛ خمس عشر سنة قبل الوحي، والباقية بعده، وكانت وفاتها في السنة العاشرة من النبوة، وكان تزوّجه بها بعد قدومه من الشام بشهرين وأيام، وكان سنّه صلّى الله عليه وسلّم يومئذ نحو خمس وعشرين سنة، وسنها أربعون سنة، فكان زواجها بأشرف العرب على الإطلاق، زواج كفاءة جليلة وحسن تراض ووفاق، وولدت له صلّى الله عليه وسلّم، وبقي الخلف منهما ما تكون منه المجد في الافاق.
[[أولاده من خديجة] :]
ولما تزوج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصيّ قبل الإسلام، ولدت منه القاسم ابن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وبه كان يكني، وقد مشى وهو ابن سنتين.
وهل يجوز أن يكنى غيره صلّى الله عليه وسلّم بأبى القاسم أو لا؟ خلاف. وإليه أشار بعضهم بقوله:
في كنية بقاسم خلف وقع ... فالشافعى مطلقا لها منع
ومالك جوّز، والنّهى حمل ... على الحياة، والنواوىّ جعل
هذا هو الأقرب، أما الرافعى ... منع من سمّى محمدا، فع