للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد روى الشيخان عن أنس رضى الله عنه: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يمشى بالبقيع، فسمع قائلا يقول: يا أبا القاسم، فردّ رأسه «١» إليه، فقال الرجل: يا رسول الله إنى لم أعنك إنما دعوت فلانا. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «تسمّوا باسمى ولا تكنوا بكنيتي، فإني جعلت قاسما أقسم بينكم» «٢» ويكنى أيضا بأبى إبراهيم، وأبى الأرامل، ذكره ابن دحية، وأبى المؤمنين من قراءة أبيّ بن كعب النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ [وهو أب لهم] «٣» [الأحزاب: ٦] .

وولدت له أيضا زينب، وهى أكبر بناته صلّى الله عليه وسلّم، تزوجها أبو العاص بن الربيع، واسمه لقيط بن الربيع، وهو ابن خالتها، وأمه هالة بنت خويلد بن أسد، وكان تزويجه إياها قبل الإسلام، فلما أكرم الله رسوله صلّى الله عليه وسلّم بالرسالة أسلمت خديجة «٤» كما سيأتى وبناته، وصدّقته زينب، وثبت أبو العاص على دين قريش، وكان من معدودى قريش ورجال مكة مالا وأمانة وتجارة، فمشت إليه وجوه قريش، فقالوا:

اردد على محمد بنته، ونحن نزوّجك أية امرأة أحببت من قريش، فقال: لا، والله إذن لا أفارق صاحبتى فإنها خير صاحبة. وكانت هاجرت قبله وتركته على شركه. وقد أسلم أبو العاص بعد أمور طويلة، فردّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم زينب عليه


(١) فى الأدب المفرد للبخارى رضى الله عنه: «عن أبى هريرة يصف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: كان ربعة وهو إلى الطول أقرب، شديد البياض، أسود شعر الرأس، حسن الثغر، أهدب أشفار العينين، بعيد ما بين المنكبين، مفاض الخدين، يطأ بقدميه جميعا، ليس لها إخمص، يقبل جميعا ويدبر جميعا، لم أر مثله قبل ولا بعده» . فمسألة رد الرأس هذه خطأ، وإنما يلتفت بجسمه الشريف كله، وهذه معروفة عنه صلّى الله عليه وسلّم.
(٢) فى الأدب المفرد عن أنس بن مالك: كان النبى صلّى الله عليه وسلّم في السوق، فقال رجل: يا أبا القاسم، فالتفت إليه النبى صلّى الله عليه وسلّم، فقال: يا رسول الله إنما دعوت هذا، فقال النبى صلّى الله عليه وسلّم: «تسموا باسمى ولا تكنوا بكنيتي» . وفي حديث اخر: «تسموا ولا تكنوا بكنيتي، فإنما أنا قاسم» وفي ثالث: « ... والله يعطى وأنا أقسم» . وقد ذكر جماعة من أهل العلم أن عدم التسمية تحرم في حياته فقط، لئلا يلتبس به أحد، أما بعده فقد أمن اللبس، فلذلك لا يحرم. والله تعالى أعلم.
(٣) نسخ هذا اللفظ فيما نسخ من القران في حياة النبى صلّى الله عليه وسلّم.
(٤) فى الأصل (هاجرت خديجة) وهو خطأ طباعى واضح.