للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شهادة ساقها الله» ، وأوصى أن يدفن مع شهداء المسلمين، ثم قدم ابنه أبو المليح، وقارب «١» بن الأسود بن مسعود فأسلما، وضيّق مالك بن عوف علي ثقيف، واستباح سرحهم، وقطع سابلتهم (أى سبيلهم) ، وبلغهم رجوع النبى صلّى الله عليه وسلّم من تبوك، فوفدوا عليه فأسلموا، وسألوه أن يدع اللات التى كانوا يعبدونها لا يهدمها إلى ثلاث سنين، فأبي، فنزلوا إلى شهر فأبي، وسألوه أن يعفيهم من الصلاة، فقال: «لا خير في دين لا صلاة فيه» . فأجابوا، وأرسل معهم المغيرة بن شعبة، وأبا سفيان بن حرب، فهدما اللات، وخرج نساء ثقيف حسرى يبكين عليها.

وفيها بعث أبا بكر رضى الله عنه ليحج بالناس، ومعه عشرون بدنة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم وثلاثمائة رجل، فلمّا كان بذى الحليفة أرسل عليّا رضى الله عنه في أثره وأمره بقراءة براءة، وايات من أوّل سورة البقرة على الناس، وأن ينادى «أن لا يطوف بالبيت بعد السنة عريان» (أى مكشوف العورة كما كانت الجاهلية تفعل ذلك) ولا يحجّ مشرك.

وعن أبى هريرة قال: كنت مؤذّن عليّ رضي الله عنه حين بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلي أهل مكة ببراءة، فناديت: ألايدخل الجنة إلا نفس مؤمنة؛ ولا يحج بعد هذا العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله عهد فأجله أربعة أشهر، فإذا مضت الأربعة أشهر فإنّ الله بريء من المشركين ورسوله» .

فعاد أبو بكر وقال: يا رسول الله هل نزل في شيء؟ قال: «لا، ولكن لا يؤدّى عنى غيرى أو إلا رجل من أهل بيتي) ، ألا ترضى يا أبا بكر أنك كنت معى في الغار؟ وصاحبى على الحوض؟» قال: بلي. فكان أبو بكر أميرا على الموسم، وعليّ يؤذن ببراءة «٢» يوم الأضحي؛ وألايحج مشرك ولا يطوف بالبيت عريان؛ فلم يحج في العام بعد الذى حج فيه المصطفى حجة الوداع مشرك، وأنزل الله تعالى: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا «٣» .


(١) قارب بن الأسود بن مسعود بن معتب بن مالك بن كعب بن عمر بن سعد بن عوف بن ثقيف (ابن أخي عروة بن مسعود) قدم على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأخوه أبو المليح فأسلما قبل قدوم وفد ثقيف، له ترجمة وافية في الإصابة فانظرها هناك.
(٢) براءة: هى سورة التوبة، أذن ببراءة: أي يعلمهم بها ويقرؤها عليهم.
(٣) سورة التوبة: ٢٨.