(أي فرضه) ومندوبه عند سحوره وفطوره، فهو زيادة يفوق بها الناقص، وكأن حكمته أنه عليه الصلاة والسلام لم يكمل له رمضان إلا سنة واحدة، والبقية ناقصة: زيادة طمأننية نفوسهم علي مساواة الناقص للكامل» .
وقوله:«من غير نظر لأيامه» ، تعقّبه ابن قاسم بقوله: قد يقال الفضل المرتب علي رمضان ليس إلا مجموع الفضل المرتب على أيامه، وأجيب بمنع الحصر، وأن لرمضان فضلا من حيث هو، بقطع النظر عن مجموع أيامه، كما هو في مغفرة الذنوب لمن صامه إيمانا واحتسابا «١» ، والدخول من باب الجنة المعد لصائمه، وغير ذلك مما ورد أنه يكرم به صوّام رمضان، وهذا لا فرق فيه بين كونه ناقصا أو تاما.
وأما الثواب المرتّب علي كل يوم بخصوصه فأمر اخر؛ فلا مانع أن يثبت للكامل بسببه ما لا يثبت للناقص.
وقوله:«وكأن حكمته إلخ» قال الشوبري: كذا وقع لابن حجر هنا، ووقع له في محلين اخرين أنه قال: لم يصم شهرا كاملا إلا سنتين، وجرى عليه المنذرى في سننه، وقال: فما وقع له هنا غلط، سببه اعتماده علي حفظه، انتهي.
أقول: لا يلزم أنّ ما هنا غلط، بل يحتمل أن ما قال المنذرى مقالة لم يعرج عليها لشيء ظهر له، ثم رأيت العلّامة الأجهورى استوعب ما ذكر فقال:
وفرض الصيام ثاني الهجرة ... فصام تسعة نبيّ الرّحمة
أربعة تسع وعشرون، وما ... زاد علي ذا بالكمال اتّسما
كذا لبعضهم، وقال الهيتمي ... ما صام كاملا سوي شهر اعلم
وللدميري أنّه شهران ... وناقص سواه خذ بياني
* وفي هذه السنة أري عبد الله بن زيد صورة الأذان في النوم، وورد الوحى
(١) وللحديث الشريف ألفاظ منها: «من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له من ذنبه» رواه أحمد، والأربعة عن أبى هريرة، وروى الخطيب عن ابن عباس: ما تقدم «من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر» ومعنى قوله صلّى الله عليه وسلّم (ما تأخر) أن الله تعالى يوفقه إلى عدم المعاصى، والحديث صحيح، والله أعلم بحقيقة مراد رسوله صلّى الله عليه وسلّم.