للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسمّيت «ثنية الوداع» لأن المسافر من المدينة كان يشيّع إليها، ويودّع عندها قديما، وهى موضع بين مكة والمدينة. وقال صلّى الله عليه وسلّم: «اللهم حبّب لنا المدينة كحبنا مكة أو أشدّ، اللهم بارك لنا في صاعها ومدّها «١» » .

والبركة حاصلة لها؛ لأنها النموّ والزيادة في نفس المكيل بحيث يكفى المدّ بها ما لا يكفى في غيرها، وهذا محسوس لمن سكنها. ولمسلم: «اللهم بارك لنا في صاعنا، اللهم بارك لنا في مدّنا، اللهم اجعل مع البركة بركتين» . وله أيضا:

«اللهم بارك لنا في ثمرنا، وبارك لنا في مدينتنا، وبارك لنا في صاعنا، اللهم إن إبراهيم عبدك وخليلك ونبيك وإنه دعا لمكة، وأنا أدعو للمدينة بمثل ما دعاك لمكة» .

وعن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه: كان صلّى الله عليه وسلّم يؤتى بأول التمر فيقول:

«اللهم بارك لنا في مدينتنا، وفي ثمارها، وفي مدّنا، وفي صاعنا بركة مع بركة. ثم يعطيه أصغر من يحضر من الولدان» .

وجاء: «إنّ الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها «٢» (ويأرز بكسر الراء أى ينضم ويجتمع بعضه إلى بعض) وفي رواية «إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ، يأرز كما تأرز «٣» الحية إلى جحرها» .

ومكة أفضل من المدينة؛ لأن مكة تشرف بفضل العبادة فيها على غيرها مما تكون العبادة فيه مرجوحة، وهذا قول الجمهور، وعند الإمام الشافعى مكة أفضل من المدينة، وحكى عن مالك ومطرف وابن حبيب- من أصحابه- لكن


(١) وردت في هذا عدة أحاديث، منها قوله صلّى الله عليه وسلّم: «اللهم إن إبراهيم حرّم مكة فجعلها حراما، وإنى حرّمت المدينة- ما بين مأزميها- ألا يراق فيها دم، ولا يحمل فيها سلاح لقتال، ولا يخبط شجرة إلا لعلف، اللهم بارك لنا في مدينتنا، اللهم بارك لنا في صاعنا، اللهم بارك لنا في مدّنا، اللهم اجعل مع البركة بركتين. والذى نفسى بيده ما في المدينة من شعب ولا نقب إلا عليه ملكان يحرسانها حتى تقدموا» رواه مسلم.
(٢) فى الأصل: «إن الإيمان ليأزر إلى المدينة كما تأزر الحية إلى جحرها ويأزر بكسر الزاي، ولفظ الحديث الشريف كما أثبتناه: «يأرز» من الأرز» ، وهو الانضمام والاجتماع بعضه إلى بعض كما فى المختار، والحديث متفق عليه، ورواه الإمام أحمد وابن ماجه عن أبى هريرة.
(٣) أصلحناه أيضا كما مر.