للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بلى بأبى أنت وأمي، فقال عليه الصلاة والسلام: «إن من ذريتك الأصفياء، وعترتك الخلفاء» «١» .

وكان الذى أسر العباس أبو اليسر، واسمه كعب بن عمرو، وكان قصيرا دميما، وكان العباس عظيم الخلق طويل القامة من مقبّلى الظعن- يعنى أنه كان يدرك فم الظعينة وهى راكبة على البعير، وهو على قدميه في الأرض.

وفي مسند البزار: قيل للعباس: كيف أسرك أبو اليسر ولو أخذته بكفك لوسعته؟! فقال: ما هو إلا أن لقيته فظهر في عينى كالخندمة- والخندمة جبل حول مكة- وذكر أبو عمر: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لقد أعانك عليه ملك كريم» .

ولما فدى العباس نفسه وابن أخيه عقيل بن أبى طالب قال لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

لقد تركتنى أتكفف قريشا فقيرا معدما، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: فأين ما دفعته إلى أم الفضل وقت خروجك من مكة وقلت لها: ما أدرى ما يصيا بني، فإن حدث بى حادث فهو لك ولعبد الله وعبيد الله والفضل وقثم؟ فقال العباس: وما يدريك يا ابن أخي؟ قال: أخبرنى به ربي، فقال العباس: أشهد أنك صادق، وأشهد ألاإله إلا الله وأنك عبده ورسوله والله لم يطّلع عليه أحد إلا الله ولقد دفعته إليها في سواد الليل، ولقد كنت مرتابا في أمرك، فأما إذ أخبرتنى بذلك فلا ريب. ا. هـ.

وأم الفضل هذه «لبابة الكبري» بنت الحارث الهلالية، أخت ميمونة زوج النبى صلّى الله عليه وسلّم، وأختها «لبابة الصغري» أم خالد بن الوليد، وولدت أم الفضل للعباس سبعة نجباء: عبد الله بن عباس صاحب التفسير الذى قال فيه عليه الصلاة والسلام: «اللهم فقّهه في الدين وعلّمه التأويل» . وإخوته الستة: عبيد الله، وعبد الرحمن، والفضل، وقثم، ومعبد، وكثير، (واختلف في كثير فقيل: إن أمه رومية) ، وأختهم أم حبيب.


(١) عن ابن عباس قال: خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى المسجد فوجد العباس بن عبد المطلب ساجدا، فوقف حتّى رفع رأسه، فلما انفتل من صلاته قال صلّى الله عليه وسلّم: «إن من ذريتك الأصفياء، ومن عترتك الخلفاء» (ذكره صاحب ذخائر العقبى) محب الدين الطبرى- رحمه الله.