للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم أتى بكعب بن أسد: سيد بنى قريظة، فقال له كعب- بعد أن عرض عليه الإسلام-: «لولا أن تعايرنى يهود بالجزع من السيف لاتبّعتك» ، فأمر صلّى الله عليه وسلّم بضرب عنقه.

وكان المتولى لقتل بنى قريظة عليّ بن أبى طالب، والزبير بن العوّام- رضى الله تعالى عنهما- وينسب لحسان بن ثابت قوله:

لقد لقيت قريظة ما أساها «١» ... وما وجدت لذلّ من نصير

غداة أتاهم يهوي إليهم ... رسول الله كالقمر المنير

له خيل مجنّبة تغادي ... بفرسان عليها كالصقور

تركناهم وما ظفروا بشئ ... دماؤهم عليهم كالغدير

فهم صرعي يحوم الطير فيهم ... كذاك يدان ذو العند الفجور

فأنذر مثلها نصحا قريشا ... من الرحمن إن قبلت نذيري

وقوله:

لقد لقيت قريظة ما أساها ... وحلّ بحصنها ذلّ ذليل

وسعد كان أنذرهم بنصح ... بأنّ إلهكم ربّ جليل

فما برحوا بنقض العهد حتي ... غزاهم «٢» في بلادهم الرسول

أحاط بحصنهم منّا صفوف ... له من حرّ وقعهم صليل*

ولما انقضى شأن بنى قريظة، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لن تغزوكم قريش بعد عامكم هذا، ولكنكم تغزونهم» فكان كذلك.

وانفجر جرح سعد بن معاذ الذى في يده، وسال الدم، واحتضنه صلّى الله عليه وسلّم، فجعلت


(١) ما أساها: ما أساءها: حذفت الهمزة للتسهيل، وفي ابن هشام (فى المطبوعة) ما ساها، بهمزة المد بعد السين.
(٢) فى سيرة ابن هشام «فلاهم» بدل «غزاهم» ومعناه قتلهم بالسيوف.
* الصليل: صوت له رنين، وهو صوت قارعة السيوف.