للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إلى قوله: وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ أى سألتم نساء النبى صلّى الله عليه وسلّم حاجة فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أى من وراء ستر يستركم عنهن، فبعد اية الحجاب لم يكن لأحد أن ينظر* امرأة من نساء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

متنقبة كانت أو غير متنقبة، ونزل فيها أيضا قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ [الأحزاب: ٥٩] ، والجلابيب جمع جلباب، وهى الملاءة التى تشتمل بها المرأة فوق الدرع والخمار، وقيل: هى كل ما يستتر به من كساء وغيره، قال ابن عباس: أمر نساء المؤمنين أن يغطين رؤسهن ووجوههن بالجلابيب، إلا عينا، ليعلم أنهنّ حرائر، وهو قوله تعالى: ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ [الأحزاب: ٥٩] ، أى لا يتعرّض لهن، بخلاف الإماء فلا يغطّين وجوههن، وكان المنافقون يمشون في طرق المدينة يتبعون النساء إذا برزن بالليل لقضاء حوائجهن، فيتبعون المرأة، فإن سكتت اتبعوها، وإن زجرتهم انتهوا عنها، ولم يكونوا يطلبون إلا الإماء، ولكن كانوا لا يعرفون الحرة من الأمة؛ لأن زى الكل واحد، تخرج الحرة والأمة فى درع وخمار، فشكون ذلك لأزواجهن، فذكروا ذلك للنبى صلّى الله عليه وسلّم، فنزل: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ... الاية، ثم نهى الحرائر أن يتشبهن بالإماء «١» بقوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ..... قال أنس: «مرّت بعمر بن الخطاب


(١) فى القاموس المحيط: «خدم، وخدام، وخدّم: موضع الخلخال، والسير، ورباط السراويل عند أسفل رجل المرأة» أ. هـ. بتصرف. والإماء: الخدم، والمغنيات: (يسرن مكشوفات الوجه وخدم الرجلين) ولذلك سمين بالخدم: من الخدمة، وكشف خدم الأقدام، وهن لا يستحيين من كشفها، فلذلك نهى الحرائر أن يتشبهن بالإماء. ولهذا نقول لنساء هذا الزمن: إنكن رجعتن إلى أرذل من خدم الجاهلية الأولى؛ إذ الحرة اليوم خلعت جلباب الحياء، مع خلعها جلباب الستر الذى تستر به جسدها: تشبها بالخدم (خدم الجاهلية الأولي) . والمرأة على هذه الوتيرة التى نراها لا يمكن أن تكون هى المرأة المسلمة التى يريد الإسلام إعزازها وتكريمها وإبعادها عن فحش القول، وعن الفاحشة، نسأل الله تعالى أن يسبل علينا ستر الدنيا والآخرة.
* الانتظار، والبقاء.