للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علي قبرها، وذلك بعد شهر، وقال له سعد: يا رسول الله أتصدّق عنها؟ قال:

نعم، قال: أي الصدقة أفضل؟ قال: الماء. فحفر بئرا، وقال: هذه لأم سعد رضى الله عنها «١» .

* وفي هذه السنة غزوة بنى لحيان بن هذيل بن مدركه:

(بكسر اللام وفتحها) قبيلة من هذيل، لما وقعت وقعة عاصم بن ثابت وخبيب بن عدى وغيرهما من الصحابة الذين قتلتهم هذيل، وجد «٢» النبى وجدا شديدا على أصحابه المقتولين بالرجيع، وأراد أن ينتقم منهم، فأمر أصحابه بالتهيؤ، وخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في جمادى الأولى من السنة الخامسة لستة أشهر من فتح بني قريظة، فقصد بنى لحيان يطالب بثأر عاصم بن ثابت وخبيب بن غدى (أهل الرجيع «٣» ) ، وذلك إثر رجوعه من «دومة الجندل» ، فسلك علي طريق الشأم أولا ليصيب من القوم غرّة، وعسكر في مائتى رجل، ومعهم عشرون فرسا، ثم أخذ ذات اليسار إلي صخيرات «٤» اليمام ثم رجع إلي طريق مكة وأجدّ السير حتي نزل غران «٥» (بضم المعجمة وفتح الراء وهي منازل بنى لحيان، وهو واد بين امج «٦» وعسفان، وبينه وبين عسفان خمسة أميال) حيث كان مصاب أصحاب الرجيع، واستغفر لهم، وأقام هناك يوما أو يومين يبعث السرايا في كل ناحية، فوجد بنى لحيان قد حذروا وتمنّعوا في رؤس الجبال،


(١) وروى سعد بن عبادة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «أفضل الصدقة سقى الماء» رواه الإمام أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن حبان، والحاكم. وفي هذا رد علي الذين يتعللون بإنكار نفع الصدقة بعد الوفاة، وليتقوا الله، وليحافظوا ألسنتهم.
(٢) وجد: أي حزن.
(٣) رجيع (بفتح أوله، وبالعين المهملة) علي فعيل، هو الموضع الذي غدرت عضل والقارة بالسبعة نفر الذين بعثهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، منهم عاصم بن ثابت «الذى حمته الدّبر» وهو ماء لهذيل قرب الهدّة، (بين مكة والطائف) وقد خفّف بعضهم داله. والرجيع: والله قرب خيبر. كذا في المراصد.
(٤) في هامش المراصد ما نصه: في الزبيدي: وضبطه ابن الأثير بالحاء المهملة «صحيرات» واحده «صحرة» وهي أرض لينة تكون في وسط الحرة.
(٥) غران: منازل بنى لحيان، بين أمج وعسفان.
(٦) امج: ضبطها في المراصد بهمزة القطع، لا بالمد: أمج.