للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعث محيصة بن مسعود الحارثى إلى فدك، يدعو أهلها إلى الإسلام، فدعاهم إليه، فخوّفهم أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جاء إلى حربهم كما أتى إلى حرب أهل خيبر، وقالوا: «إن عامرا وياسرا وحارثا وسيد اليهود مرحبا في حصن نطاه معهم ألف مقاتل، وما نظن أن يقاومهم محمد» ، فمكث محيصة فيهم يومين، ولما رأى ألاميل لهم في الصلح، أراد أن يرجع، فقالوا له: اصبر نستشير أكابر قومنا ونبعث معك من يصالح محمدا، وبينما هم في ذلك الرأى إذ أتاهم خبر حصن «الناعم» أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فتحه، فوقع في قلوبهم خوف عظيم، فأرسلوا جماعة من يهود فدك إلى النبى صلّى الله عليه وسلّم حتّى يصالحوه، فبعد القيل والقال الكثير، استقر الأمر على أن يعطوا النبى صلّى الله عليه وسلّم نصف أرض فدك، ولهم نصفها، فرضى النبى صلّى الله عليه وسلّم، فصالحهم على ذلك. وكانوا يعملون على ذلك حتّى أخرجهم عمر وأهل خيبر إلى الشام، واشترى منهم حصّتهم «النصف» بمال بيت المال، كما سيأتى فكان خيبر للمسلمين، وفدك خالصة له؛ لأنها فتحت بغير إيجاف (أى تحريك وإتعاب في السير) ولا ركاب فلم يقسمها ووضعها حيث أمره الله، وانصرف صلّى الله عليه وسلّم عن خيبر إلى وادى القرى فحاصرها وافتتحها عنوة، وقسمها.

وأصاب بها غلامه مدعما» سهم غرب (بفتح الراء والإضافة، وبتسكين الراء بلا إضافة: وهو الذى لا يعرف راميه) فقتله. وقال صلّى الله عليه وسلّم فيه لما شهد له أناس بالجنة: «كلا إن الشملة التى أخذها يوم خيبر من المغانم قبل القسم لتشتعل عليه نارا» ، فلما سمع ذلك الناس جاء رجل بشراك أو شراكين إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال صلّى الله عليه وسلّم: «شراك من نار أو شراكان من نار» .

وعن أبى حميد الساعدى، قال: استعمل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رجلا من أسد على الصدقة، فلما قدم قال: هذا لكم، وهذا أهدى لى، فقال النبى صلّى الله عليه وسلّم: فهلا جلس فى بيت أمه أو في بيت أبيه فينظر أيهدّى إليه أم لا، فو الذى نفسى بيده لا يأخذ منها أحد شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته، إن كان بعيرا له رغاء، أو بقرة لها خوار، وإن كان شاة جاء بها تيعر (بفتح المثناة الفوقية وسكون المثناة التحتية بعدها مهملة مفتوحة، ويجوز كسرها) أى لها صوت شديد- ثم رفع يديه حتّى رؤيت صفرة إبطيه، ثم قال: «اللهم هل بلّغت، اللهم هل بلغت» .

وروى أن النبى صلّى الله عليه وسلّم أمر فروة بن عمرو البياضى أن يجمع غنائم خيبر في