للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذريته بأحسن ما خلفت به أحدا من عبادك الصالحين» وكان لجعفر من الولد:

عبد الله الجواد، وعون، ومحمد، استشهدوا بصفين، وقيل: إنهم قتلوا بالطفّ مع الحسين عليه السلام، وحمل ابن زياد رؤوسهم مع رأس الحسين إلى يزيد بن معاوية، ولم يكن لعون عقب.

ثم أخذ الراية عبد الله بن رواحة الأنصارى، فاستشهد، وفي أثناء استشهاد هؤلاء الصحابة الكرام كان صلّى الله عليه وسلّم جالسا على المنبر وقد كشف الله له معتركهم، فكان يخبر باستشهاد كل واحد منهم ويصلى عليه، ويأمر أصحابه بالاستغفار له.

وفي «الصفوة» عن محمد بن جعفر قال: «فلما تجهّز الناس وتهيأوا للخروج إلى مؤتة، قال للمسلمين: «صحبكم الله ودفع عنكم السوء وردّكم مسالمين غانمين» فلما فصلوا من المدينة سمع العدو بمسيرهم، فجمعوا لهم وتهيّئوا لحربهم، وقام فيهم شرحبيل بن عمرو، فجمع نحو مائة ألف، وقدّم الطلائع أمامه، ولما نزلوا «معان» «١» من أرض الشام بلغهم أن هرقل قد نزل «ماب» من أرض «البلقاء» «٢» فى مائة ألف من الروم، وانضمت إليه المستعربة من: لخم، وجذام، والقين، وبلى، وبهراء، ووائل، فلما بلغ ذلك المسلمين أقاموا على «معان» ليلتين ينظرون في أمرهم، وقالوا: نكتب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فنخبره بعدد عدونا، إما أن يمدنا بالرجال، وإما أن يأمرنا فنمضى له. فشجعهم عبد الله بن رواحة فقال:

والله يا قوم إن الذى تكرهونه للذي خرجتم له تطلبون الشهادة، وما نقاتل الناس بعدة ولا قوة ولا كثرة، وما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذى أكرمنا الله به؛ فانطلقوا فإنما هى إحدى الحسنيين؛ إما الظهور وإما الشهادة، قال الناس: قد والله صدق ابن رواحة، فمضوا لوجوههم.

وفي «الاكتفاء» : ثم مضى الناس حتّى إذا كانوا بتخوم البلقاء لقيهم جموع هرقل من الروم والعرب بقرية من قرى البلقاء، يقال لها «مشارف» «٣» ، وانحاز المسلمون إلى «مؤتة» التى سميت الغزوة باسمها، فالتقى الناس عندها فتعبّى لهم المسلمون، فجعلوا على ميمنتهم رجلا من بنى عذرة يقال له: قطبة بن قتادة،


(١) معان: بالفتح: مدينة في طرف بادية الشام تلقاء الحجاز من نواحى البلقاء.
(٢) البلقاء: كورة من أعمال دمشق، بين الشام ووادى القرى، قصبتها عمان.
(٣) قرية قرب حوران تنسب إليها السيوف المشرفية.