للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومسندة إلى رواتها، وتقدم الأخبار متوالية حتّى حين تتضمن معلومات متشابهة أو قريبة من التكرار. أما عند ابن سيد الناس فرغم اعتماده على مرويات ابن إسحاق فإنه قد أضاف إليها مرويات أخرى عن رواة اخرين أهمهم ابن عقبة، وهو يهتم بها حين تقدم إضافات أو تصحيحات لمرويات ابن إسحاق، وذلك ما يمكن وصفه بأنه عملية تقوم على الية التدقيق (٨٨) . ولما كانت مرويات ابن إسحاق تشكل الخيط السردى الأساسى الذى يتابعه ابن سيد الناس فإنه كان حريصا دائما على استخدام عدد من التعبيرات والصيغ التى تشير إلى عودته إلى ذلك الخيط السردى الأساسى، مثل: " رجع إلى خبر ابن إسحاق" و" رجع إلى الخبر عن ابن إسحاق" و" رجع إلى خبر الأوّل" أى ابن إسحاق.

أما كتاب النمط المختصر كابن عبد البر وابن حزم والطهطاوى فقد كانوا يختارون بعض المرويات ليشكلوا منها واحداتهم السردية، وقليلا ما كانوا يقدمون سلسلة أسانيد هذه المرويات، كما كانوا يميلون إلى الاكتفاء بالراوى الأوّل للخبر.

وقبل سرد الوقائع حرص هؤلاء الرواة جميعا على تقليد يتمثل في تقديم مجموعة من الأوصاف التى حملتها هذه الغزوة أو تلك؛ فغزوة بدر هى" بدر الكبرى" و" بدر القتال"، ورغم" بساطة" هذا التقليد فإنه يكشف عن وظيفة من وظائف الراوى المفارق لمرويه حيث يسعى إلى تحديد الأهمية الاعتبارية للأبطال أو لبعض الوقائع (٨٩) .

ويمثل تقديم البداية الزمنية للوقائع نقطة مشتركة عند أولئك الرواة جميعا، فكل منهم جعل من علم النبى (ص) بأمر قافلة قريش وإرساله اثنين من المسلمين لتحسس أخبارها نقطة منشأ الوقائع، وإن اختلفت الكيفية التى قدمت بها نقطة البداية تلك؛ فبينما يشير ابن هشام إلى معرفة أبى سفيان قائد قافلة قريش بتصرف النبى (ص) ، فإن الواقدى يؤجل هذه الواقعة، ويأخذ في سرد تحرك المسلمين والنبى (ص) وانتقالهم من المدينة إلى بدر، ويحدد مختلف الأماكن التى مروا بها، ويتشابه ابن حزم معه في ذلك (٩٠) ، وهذا ما يشير إلى ملمح متكرر لدى بعض رواة السيرة من حرص على تتبع الانتقالات المكانية المفصلة للوقائع، بينما

<<  <  ج: ص:  >  >>